الفتى الشهيد عمار عمر بركات


 يَالابتهالاتِ الأمانيِّ الموشاةِ النبيلة
في عَتْمَةِ الدَّجْنِ الرهيب
حينما أشرَفْتَ يا عَمَّارُ جناتٍ ظليلة
والأنفسُ الغراءُ صبحٌ
أَشْرَقَتْ فيهِ المعَانِي والنفوس
إذ تُرْفَعُ الأَيدِي النَّحيلةُ في السماء
والألسنُ الفصحى دعاء
والأعينُ الحرَّى دموعٌ مستطيلة
تبكيك يا عمارُ يا ضوءَ القبيلة
كان عمارُ فتىً يمتدُ طولاً في السماء
وكأنه يشتاقُ للأملاكِ فوقَ الناس والأشياء
كان ملءَ السمعِ حينَ السمعُ شوق
كان فَوْقَ الناس فَوْق
كان في الأرض ولكن كان للأملاكِ توق
كان ملءَ الكونِ دِفئاً وحياءً ورجولة
ومضى عمارُ ركضاً نحو غايات السماء
مسرعاً في حُلَّةٍ مُلِئَتْ دماء
والناسُ ما زالت صحائِفُهُمْ بعمارٍ تُضاء
فهو يلقاكَ إذا ما رُمتَ طُهراً ونَقَاء
وهو يلقاكَ إذا عَزَّ اللقاء
وهو في الناس ضميرٌ وحياء
وهو أنوارٌ وماء
وهو في الجناتِ يمشي بَاسِمَاً حيثُ يشاء
ناظراً ربَّ السماء

نُشرت بواسطة

Omar Fadlalla

روائي عالمي من السودان فازت أعماله بجائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي 2018 وجائزة كتارا للرواية العربية 2018

فكرة واحدة بشأن "الفتى الشهيد عمار عمر بركات"

  1. نقلاً عن منتديات العيلفون جنة عدن: كتب الرضي عباس محمد نور:
    يصعُب علىّ من اين ابدأ حيث تنتابني العَبرات لكتابة العِبارات, فما كنت لأعرِف العيلفون واهلها الطيّبين عن قرب الا عن طريق الشهيد عمار عمر بركات , وحتي هذا المنتدي عرفني به الشهيد !! فبعد اكثر من ستة عشر عاماً وددتُ ان أعرف هل من ذكرٍ للشهيد عمار فوضعتُ اسم (عمار عمر بركات) علي محرك البحث قوقل فلم يخيب ظني في اهلى بالعيلفون فكنت اقرأ ولا اتمالك نفسي في بوست ابتداءه استاذنا د.عمر (ود الفحل) منتديات العيلفون جنة عدن – عيلفون الفن – منتدى اللغة والشعر- الفتى الشهيد عمار عمر بركات…
    وأعلم يقينا بان الشهيد عمار أكبر بكثير من ان يُفرد له بوست في منتدي فهو رجلٌ أُمّة على وصفه بفتي لصغر عمرِه….. ويستحق ان يوثيق له في كتيب وأخص من يحبّهم الشهيد ويُحبونه فهم يعرفون ذلك ولادعي لذكِرهم فهم كُثر… وحسبنا والله ان اصطفاه الله بأذنه شهيداً فهو اكرم من ذلك بكثير .. ولكن للاجيال وللعيلفون عليكم حق.
    يشُدني حباً للعيلفون لكل شئ فيها اهلها ,بحرُها, مزارعها,شجرها,طيرها,همبريبها كل ذلك لانني احب ابنها الشهيد عمار وايضا من حب الشهيد للعيلفون حببنا فيها…. لن اُحدثكم عن فقدي وحزني علي عمار لانني كلما تذكرتُه حزنتُ علي نفسي وكلما تذكرته تضائلت….فهو كان عظيماً في حياته وبعد حياته.
    لا اقرضُ الشعر ولا النثر ولاأعرف لهما سبيلا وفي أول مرة في حياتي اكتب وجدت نفسي في ذكراه أقول ان لم تخُونني الذاكرة:
    أقول ذكراكم وكأن الامر ذكري
    وهل مثلكُم يُنسي….
    عجباً لرجلٍ بذكرهِ يذكر الله….ويخشع القلب ايماناً وتقوي
    أقول وان حوتنا الدنيا بمفاتينِها ثم انقضت
    وجاء اليوم الموعود حساباً .. وأُريد بالجسد الوهِن الزجُ في النارِ
    فأن لطاهر ذكراكم في جوانبه لتنأى به عن النار
    يا عامر القلب يا عمار
    فهو بحق رجلٌ تذكرك بالله رؤيته وانتم اهلي في العيلفون تعرفون تدينه اكثر مني…ولكن من فخري وحظي الحسن أنني زاملت الشهيد عمار في مرحلة الجامعة ومن السنة الاولي وحتي استشهاده جمعتني به صحبة وأُخوةً في الله أسأل الله ان يجمعنى به بها على منابر من نور يغبطها الانبياء والشهداء, واصدقكم القول انني اُحسنُ الظن بنفسي لمجرد ان الشهيد عمار اختارني مع اخوةٍ افاضل امثاله لاكون معهم في زمرة اصحابه … والا فما ليّ انا بأخلاق عمار وتديُنه وقوته في الحق وصبره…
    والله كان في مجموعتِنا أحسننا خُلقا محبوباً لكل الدفعة حتي من الذين يخالفونه الرأى والاتجاه لأنه خلوق يقابل الجميع بهشاشته وبشاشته كان اجتماعيا يعرف الكل و الكل يعرفونه..وقلبه دائماً معلق بالمساجد ولا أحسب والله انه يفارق صيام الاثنين والخميس معاً, كان قوىاً يمتثل قول الرسول صلي الله عليه وسلم (المؤمن القوي خير وأحب الي الله …..) ولانه يحفظ من القرآن كان يؤمُ بعض اصحابه في صلاة الليل حتي ىنالهم التعب ولا يناله وعلى هذا يبتسم في وجوههم …
    وهو يحب الهندام في الشكل والمظهر كما ذكر الاخوة .. وفي ذلك كان يُمازحُنا بقوله (حشش واتقي الله) وهي جملة خفيفة الظل كروحه المرحه وعميقة في معناها فأن حشش بلغة الجيش والعسكر تعنى حسنُ الترتيب والانضباط في الهندام ..أي كن انيقا في المظهر ولا يجعلك هذا ان تفارق تقوي الله لحظة.

    الشهيد عمار كريماً كما اُسرته وأهله في العيلفون.. ونحن في سنوات الدراسة يستطيع أن يعرف بفراسة المؤمن من منا في ضائقة مادية دون ان يسأله احد وحينها يقتسم معه مصروفه وهو لا يؤمن بالتعامل المادي الضيق بين الاخوان.. وهو كثير الدعوة لأصحابه وأصدقاءه لقضاء الخميس والجمعة في العيلفون وأكاد أجزم ان دار العم عمر بركات (الفاروق) هي اكثر دار علي الاطلاق زارها عدد من بين زملائِنا في الدفعة أو من غير دفعتنا (نفط) من هم في الاقسام الاخري من كلية الهندسة ..وجميعُهم أصبح ارتباطهم بعمار وبأسرته واصحابه في العيلفون متواصلا حتي بعد استشهاده, فلم ينقطع تواصلنا بالعيلفون وأسرة الشهيد ابدا…
    وكانت والدة الشهيد الحاجة ام سلمة عليها الف رحمة ونور تحرص دائما علي دعوتنا جميعا في رمضان وتقول أن لها معزة خاصة لأخوان الشهيد بجامعة السودان وكانت تذكرهم بأسماءهم فردا فردا .. وحكت لي عن انها رأت في المنام وهو يوصيها بزملاءه في جامعة السودان ومما يجدر ذكره هنا أن الوالدة ام سلمة لم ينقطع وصلها بأبنها عمار حتي بعد استشهاده فكانت تراه في المنام ودائما في ليلة الجمعة أو عقب صلاة الصبح من يوم الجمعة في قفوة لها بعد الصلاة (تأمل هذا التوقيت!)
    ومرة في احدي زيارات زملاء الشهيد من جامعة السودان للاسرة في العيلفون جهزت الحاجة ام سلمة علبة من البخور ووضعتها اعلي الدولاب ذلك لأن الشهيد عمار طلب منها البخور لاخوته في رؤية منامية وعندها استغربت وتحرّجت وتحيّرت من الطلب وفي كيفية مناسبة ايصاله لهم , وقبل مغادرتهم في وداعها وحينها لم تشاء أن تُخبرهم فاذا بأحدهم يطلب منها بخوراً !! وماكان منها الا ان اشارة لهم الي اعلي الدولاب … ثم أخبرتهم والكل اصابته الدهشة والزهول وهي تقول: لقد جهزته لكم كما طلبه اخوكم الشهيد..وقصة لهم الرؤية..
    وللحاجة ام سلمة لها الرحمة قصص عديدة عن رؤيتها للشهيد في المنام ربما لايستوعبها الا من يعرف الحاجة ام سلمة عن قرب فهي والله متفردة في ايمانها وتقواها وفي صبرها علي مرضِها الذي اقعدها ولازمها طويلا وفي احتسابها لابنها الوحيد عمار, ولعل الله قسم لها من هذه الرؤي المنامية ليثبت فؤادها .. وكان فؤادها كذلك حيث كانت تروي عن الشهيد بطمئنية وانشرح عجيبين….
    الحاجة ام سلمة امرأة جديرٌ بأن يكتب ويُعرف عنها ,أسأل الله ان يفتح علي من يعرفونها عن قرب في ان يوثقوا لها, واسأل الله لكِ اُمي الحنون الحاجة ام سلمة الفردوس العلي من الجنة وان يعليك فيها مراتب بصبرك في الدنيا وأحتسابك لابنك الوحيد الشهيد عمار.
    واما عن تفوق الشهيد في الدراسة فأني منه قريب وكما ذكر الاخوة الافاضل في هذا المنتدي كان الشهيد متفوقاً في دراسته ,فهو ذكي بالفطرة وما ادل علي ذلك حين كنا في السنة الثانية في الجامعة وعندها غاب عمار عنا للجهاد في الجنوب فترة ليست بالقصيرة وعاد ولم يتبقي من الامتحانات النهائية للسنة غير شهر وبضعة اسابيع.. فعقدنا العزم علي ان نجاهد ونجتهد في هذه الفترة القليلة و في معيتنا من اصحاب الشهيد حافظ احمد سليمان من منطقة الرباطاب والصادق النعمان من النيل الابيض منطقة كوستي ومدثر عوض الكريم من الجريف شرق ودخلنا فيما يعرف بالمعسكر المغلق حتي يخرج أخونا عمار بأقل الخسائر وعلي أحسن الفروض ان يقلل من المواد التي قد يحتاج ان يمتحنها في الملحق .. .وللحق اقول ان عمار في اثناء المزاكرة والشرح الجماعي كان اسرعنا أستيعاباً لما يتم شرحه من المفاهيم الهندسية والمسائل اما فيما يحتاج للحفظ فأن الله قد حباه بذاكرة حديدية وسرعة يفوقنا فيها نحن جميعا اللذين حضرنا المحاضرات وعندها كان يضحك ولسان حاله يقول (انا لها) ومرت الايام وكانت النتيجة مفاجئة للجميع حيث انه تفوق علي اللذين كان حِضورهم لكل السنة الدراسية ولم يحمل مادة واحدة كملحق حيث اجتاز كل المواد والاكثر من ذلك انه احرز نسبة جيد بفارق قليل جدا من جيد جدا , بقي ان تعرفوا ان اكثر من اللثلثين يتحصل علي مقبول وهي نتائج متعارف عليها في كلية الهندسة في تلك الفترة
    اما عن علاقتي بالشهيد فيكفيني اننا ما تلاقينا الا وعانق بعضنا الاخر حتي في نفس اليوم ناهيك عن ان نغيب عن بعضنا يوم او ليلة وكان كذلك مع كل اصحابه واصدقائه فهو دائما يبادرهم بالسلام والتحية وكنا علي ذلك من الاخوة الصادقة علي مدي سنوات الدراسة حتي اخر يومٍ افترقنا فيه وودع كل منا الاخر بأحتضان لا ندري هل سنلتقي في هذه الفانية أم لا وكان ذلك في جوبا ونحن ثلاثة من دفعته في طريقنا الي شرق الاستوائية في اوائل نوفمبر من العام 1995 وتحرك هو من بعدنا في اتجاه سكة نمولي حيث تدور المعارك واستشهد في السادس عشر من نوفمبر ولم نسمع بأستشهاده الابعد عدة اسابيع فنزل الخبر علينا كالصاعقة فبكاه أخي الصادق النعمان واخي مدثر بدمع هطول وما كان من ذكره والا عادة الدموع كما كانت وكنت عندها اُظهرُ شئ من الثبات الظاهري و قلبي منفطر شئ من الصدمة وشئ من الحزن وما بكيتُه الا وبكيت علي نفسى……
    رحمة الله وظله يظلك مع خير الابرار والشهداء في جنات الخلد العلي أخي الحبيب الشهيد عمار ونسأل الله ان يجمعنا بك فيها كما جمعنا بك في هذه الفانية.
    اخوتي وأخواتي ان مناقب وافضال الشهيد عمار كثيرة وكبيرة وحريٌ بأهلي في العيلفون ان يرو عنها ويثروا بها هذا المنتدي حتي تصبح كتيباً عن سيرته العطرة فالشهيد عمار رفعةٌ وشأن لاهل العيلفون.. وأخص علي فرض العين استاذنا الجليل الزاهد اسحاق احمد فضل الله , دكتور عمر (ود الفحل) له الشكر والفضل في المبادرة,سميرالجزولي,فتح الرحمن وأسامة محمد صالح,هشام الصادق,احمد الطيب,ابراهيم,نزار,ود الجيلاني….وكثر في فريق وراء لا تسعفني الذاكرة لذكرهم ولمن بادرو في هذا المنتدي عن ذكر خصال ومواقف الشهيد عمار….. علي عثمان, ياسر عبدالرحمن خيري ,احمد الحبر, مهند الحبر , ام ريان, ودمانديد, مالك النور, مرتضى دعوب……

    بقي أن تعِرِفوا أنني من ابناء الجزيرة من منطقة العيكورة وأحبُ مناطق السودان اليّ على الإطلاق منطقتين فقط جميعها تبدأ بالعيـــــ………..
    وحتي نلتقي بكم أن شاء الله لكم العتبي علي الاطالة حتي ترضوا…

    الرضي عباس محمد نور
    بكين
    التاسع من رمضان 1432 الموافق التاسع من اغسطس 2011

    إعجاب

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.