متعة القراءة وأفضل الروايات مع عمر فضل الله


كتاب الأستاذ صلاح عمر الشيخ:
طالت (الحبسة). الالتزام ضروري وصعب جداً. كان لابد من الاستفادة من الوقت والعودة للقراءة التي لم تعد كما كانت قبل انتشار الانترنت الذى سهل علينا كثيراً وتدفقت المعلومات بسهولة ويسر. العالم كله أصبح أمامنا عبر جهاز صغير، لو قيل لنا فى السبعينات إن ذلك سيحدث لاعتبرناه خيالاً علمياً غير ممكن.

متعة القراءة أصبحت ممكنة في أي وقت، إلا أن متعة البحث عن كتاب في معارض الكتب والمكتبات لم تعد جاذبة.والبقاء فى البيت أتاح لنا العودة للقراءة،

أفضل الروايات:
========
خلال هذه الفترة التي تجاوزت الشهرين قرأت العديد من الروايات لكتاب نعشقهم ولا نمل إعادة قراءتها: الطيب صالح، غابريل غاريسا ماركيز.

توقفت عند سلاطين باشا والسيف والنار واكتشفت كتاب جدد: عبد العزيز بركة ساكن فى امرأة من كمبو كديس، وحجي جابر الكاتب الارتري فى سمراويت.

أما صديقي الدكتور عمر فضل الله ذلك الروائى الرائع القادم بقوة والحاصل على جوائز قيمة جائزة الطيب صالح و كتارا عن راويته أنفاس صليحة وتشريقة المغربى، فقد قرأت كل ما أنتج وهى: ترجمان الملك، وتشريقة المغربي، وأنفاس صليحة، ونيلوفوبيا، ورؤيا عائشة، وفى انتظار القطار، وأطياف الكون الاخر.

دكتور عمر فضل الله كاتب بارع يمكن أن يكون امتدادا وخليفة الطيب صالح لأسلوبه السلس وعباراته الرشيقة. يتميز فى سرده الروائي الممتع باستدعائه للتاريخ، فهو كما نقول بالعامية (حكاي) يجذبك كما الحبوبات زمان لحكاياته والتى يحول فيها الأحداث التاريخية إلى رواية ممتعة وشخصيات حية تعيش معها الحكاية والأحداث لحظة بلحظة ولن تترك الكتاب إلا حينما تنتهى الحكاية.

أهم ما يلفت النظر لروايته هو تعريف القارئ العربي بالتاريخ السوداني خاصة الممالك السودانية الاسلامية سنار والعبدلاب وعلوة المسيحية ومعالجة الأحداث من وجهة نظر سودانية. وفى رؤيا عائشة أحداث المهدية. وكما أشرت المعالجة والسرد يعالج أخطاء فى الروايات المكتوبة من أجانب في التاريخ السوداني مثل السيف والنار وحرب النهر.

أما روايته أطياف الكون الآخر فهي محاولة جريئة لدخول عالم الجن وتقريب الصورة من الخيال والأساطير إلى قصص القرآن وحقيقة هذا العالم الآخر. وأما نيلوفوبيا فهي سرد لمأساة غرق الباخرة النيلية العاشر من رمضان في مصر بذات الاسلوب الشيق فى السرد والحكاية.

هذه انطباعات سريعة عن روايات الدكتور عمر فضل غزير الإنتاج الذي حبب لنا جزءاً من تاريخنا وأعاد كتابته بشكلٍ روائي ليصحح أخطاء تاريخية انتشرت خاصة عند القاريء العربي.

صلاح عمر الشيخ.

ابن الشيطان يتحدث من خلال أطياف الكون الآخر


مقالي في جريدة الموجز العربي ( بقلم إيناس رضا هلال)
ابن الشيطان يتحدث
من خلال أطياف الكون الآخر.
هل صادفك أن يحادثك كائن عمره آلاف السنين يقص عليك سيرتة وسيرة أهل الأرض بل تاريخ الأرض منذ نشأتها؟
مثلما حدثنا هذا الكائن من بني النار التي شاءت الظروف أن ينهل في طفولته من حنان إنسية ويرضع من ثديها ؟
هنا في رواية (أطياف الكون الآخر) للروائي السوداني عمر فضل الله الحائز على جائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي ٢٠١٨ ،وجائزة كتارا للرواية العربية ٢٠١٨ ،كاتب الرواية يصطحبنا عبر رحلة زمانية طويلة يسردها لنا البطل ابن عزازيل أو (طيف) كما ورد اسمه في الرواية ،مرورا بتاريخ الأرض القديم ونشأتها ،وفساد بني النار في الأرض وسيرتهم الغير طيبة عند أهل السماء ،ثم هلاكهم على أيدي النورانيين، وحياة عزازيل (إبليس) في السماء ،ثم هبوطه مرة أخرى عدوا لبني صلصال.
وضعنا الكاتب أمام تحدٍ نفسي منذ أول فصل في الرواية ليقيس مدى تجلدنا وإيماننا بوجود بني النار معنا في كل وقت و مكان؛ بسؤاله لنا على لسان( طيف بن عزازيل):أين أنا الآن ؟ نعم بالطبع ،لا تصدقني؟ انظر إلى الأعلى فوقك ،لماذا لم تنظر أراك مترددا أو خائفا…
عالج الكاتب في تلك الرواية أمراضا اجتماعية مثل السحر والشعوذة ،و أن بعض الأطياف ومنهم البطل يشمئزون ويستنكرون سلوك هؤلاء السحرة .
يذهب بنا الكاتب إلى مرتفعات بابل ببلاد النهرين ،حيث يتحلى البطل حينها بصفات آدمية لفعل الخير ونبذ الشر وإفساد المكائد التي يحميها أبوه عزازيل ،ثم يقودنا في رحلة البحث عن إبرام وهو سيدنا إبراهيم عليه السلام ،وقد هبط بمصر وذكر صفات أهلها وخير أرضها ، واقتطف لنا زهرة من بستان تاريخها العتيق حينما ذكّرنا بتاريخ عروس النيل التي كان يقدمها المصريون قربانا لنهر النيل أو ( حابي ) إله الخير والنماء كما كانوا يطلقون عليه .
وقد كشفت رحلة الهروب ل(طيف التجلي) بين الكواكب هربا من أعوان أبيه عزازيل (إبليس) عن ثقافة الكاتب الرائعة الفلكية والفيزيائية ومعرفته بالنجوم والكواكب .إلى أن وصل إلى عهد سليمان ولم نشعر نحن أبدا بفجوة زمنية أثناء السرد،بل انتقل بين العصور في سلاسة ،وقد نال البطل عقاب من سيدنا سليمان وحبس في قمقم فتجول بنا الكاتب في أعماق البحار إلى أن تحطم القمم فخرج بنا إلى عصر التطور والتكنولوچيا والتقدم الحضاري والتقني ،مقارنا قدرات بني النار بقدرات بني الصلصال والنتيجة قد حُسمت لبني الصلصال بعد أن حيرت عالم الأطياف.
نجح الكاتب بأدواته وثقافته في خلق حالة من السلام بين البشر وبني النار ، بل وتمني بنو النار عيشة بني الصلصال بتناوله الجوانب النفسية والعاطفية التي يتميزون بها عن غيرهم ،ناهيك عن أسلوبه المتميز في المقارنات بين العصر الحديث والتقدم الحضاري وبين بقية الأزمان التي مررنا بها ،ومزج الخيال بالواقع في صورة فانتازيا رائعة.
المدهش أن الرواية لم يسمع بها كثيرون، لكنها جديرة بالاطلاع، فهي تشدك من أول فصولها وتستحوذ على جميع مشاعرك إلى أن تفرغ من متعة قراءتها.

قراءة في رواية أطياف الكون الآخر – د. إبراهيم جبريل


• عتبة النّص الأولى:

الغلاف والعنوان:


• لوحة الغلاف أقلّ وضوحاً من سابقتها (ترجمان الملك) شخوص مبهمة متعدّدة الألوان متداخلة، ولعلّ هذا لطبيعة الرسم التشكيلي ولتعلّقه بعالم غير واضح أصلاً، غير أنّها لا تحوى خطأً كاللوحة الواضحة بترجمان الملك؛ إذ أنّ الهيئة التي يبدو بها أحد الأشخاص يكرع من ماء النّيل تدل أنّ الرسام لم يشرب يوماً من نهر أو ترعة مباشرة ولم يرَ من يصنع ذلك!

• العنوان معبّر تماماً عن طبيعة النّص مع غموض مناسب.

• الرواية سياحة عبر المكان والزمان في فضاء بلا حدود حيث تعدّدت الأماكن والأزمنة منذ بدء الخليقة ما قبل آدم ليومنا الحاضر.

• الطيف بلا اسم محدّد تنقّل متوجساً في العوالم والأزمنة مطارداً من جند أبيه الذي لم يره يوماً، مسجوناً من قبل نبيّ الله سليمان –عليه السّلام- مضطهداً من البشر، ناشراً للشر والخير منتقلاً من الغواية للهداية آخر المطاف. والرائحة التي تدلّ عليه غير ثابتة تظهر أحياناً في النصّ وتختفي.

• عالم الأطياف ممزوج بعالم البشر مع التركيز علي الجنّ، ولم أجد كاتباً يكتب عن عالم الجنّ المحض إلا الشيخ “طارق اللبيب” في (أميرة الجنّ المظلومة).

• الرواية إبداع ولكن أقلّ حبكة من “ترجمان الملك” فيها نقاط ضعف بعكس ترجمان الملك ممّا يولّد انطباعاً أنّها متقدمة عليها!

• عالم السحر في الرواية عرض بصورة مبدعة لواقع بشع؛ وعرض الكاتب لخبرتين متباعدتين في الموضوع: الخبرة الأوربيّة حيث يجمع إبليس السحرة ويهينهم ويمهروا بإمضاءاتهم على عهود إذعان مطلق ومواثيق طاعة للشيطان. الخبرة الإقليميّة أنّ الساحر يقوم بعقد عهد سري فردي مع الشيطان ليضرّ النّاس بالسحر مقابل المال، والخبرة الغربيّة تركز على المجون والمتعة الشخصيّة للساحر حتّى وصل بهم اليوم القبول بعبدة الشيطان وطقوسهم الماجنة في الإحتفالات الرسميّة كما حدث في افتتاح نفق “غوتهارت” بسويسرا قبل أيّام.

• والخبرة النقيض التّي أخذ بها الكاتب للمنظور السحري (الخبرة الوهّابيّة) حيث تتوسّع في مفهوم السحر، حيث أورد الطيف (شمهروش) –رضي الله عنه- كتابع من أتباع إبليس؛ وهذا شأن الخبرة الوهّابيّة حيث تدرج كلّ ما أشكل عليها تحت بند السحر).

• هذا المزيج أنتج تصورّاً قويّاً لبشاعة السحر.
(الإمام “الغزالي” كتب في (الإقتصاد في الإعتقاد) عن المثلث المعروف وبيّن أنّ له خواصاً أودعها الله فيه وتكلّم الإمام “الرازي” عن ضرورة التفريق بين السحر وخواص الأشياء. وقال الإمام “الصاوي” المالكي بالأخذ بالطلاسم غير المفهومة إذا وردت عن ثقة كدائرة الإمام الشاذلي. الوهّابية في الحجاز ومناطق داعش تعدم من تجده راسماً المثلث المذكور أو دائرة كدائرة الشاذلي، وفي الحقيقة يعدمونهم لأنّهم اتبعوا أئمتهم! أسفي عليهم، وحكومتنا تصمت صمت القبور!)

• بنى الراوية شخصيّات الفتيات الثلاث بصورة واضحة خاصّة شخصيّة “ماويّة” الأبراميّة وتخلّت عنهنّ وسط الرواية مع تخلّى الطيف عنهنّ مع رفيقتيها في قفر موحش.

• شخصيّة “ماوية” لو استمرّت -بشكل أو بآخر- لأضفت علي النص مزيد بهاء ورونق.

• تخلّى النص عن كلّ الشخصيّات تقريباً التي اجتهد الكاتب في بنائها بناء متماسكاً فتخلّي عن “أشتوت” والفتيات الثلاث فلم تظهر بعد أن اضطرّ الكاتب لبناء شخصيّات جديدة؛ (أوشيك، ورحمة، وغيرهما…). • شحصيّة “أوشيك” جاءت باردة تفتقر للفضول تهتم بإبراز ما عندها من معلومات دون أن تأخذ ما عند الآخر؛ من الذين يتكلمون ولا يسمعون.

• شخصيّة “رحمة” آليّة لا تعرف الخوف كشخصيّة “ماوية” إلا أنّ “ماوية” كانت نافذة لها رؤية و”رحمة” بلا رؤية. لم تتردّد “ماوية” في مواجهة الطيف: (أيّها الشيء إنّك نفس خبيثة تعيش علي الكذب والخداع)! -رغم ضعفها الجسدي وقوته المتناهية- ففرّ من قوّة المواجهة لا يلوي على شيء.

• تصوير الطيف ومشاعره في القمقم السليماني تصوير مبدع يصوّر المشاعر منذ اليوم الأوّل حتّي انكسار القمقم بعد ثلاثة آلاف عام.

• مشهد “العسكر” وردّة فعلهم الحادّة علي إجابة الطيف حين سألوه عن هوّيته تعبّر عن حالة الشرطة بكلّ العالم حيث تكره من تشتم منه رائحة استخفاف بمهامهم (السامية)، كذا مشهد الزنزانة، لكن تقيؤ الطيف غير منطقي وهو الخارج من حبس آلاف السنين بلا طعام!

• يندمج “أوشيك” في شرح معالم الحضارة لـ”أبلسة” في أسلوب الأستاذ مع التلميذ ممّا أضعف الحبكة الروائيّة بالأسلوب الوصفي التحليلي.

• الحكايات والأساطير والخرافات أضافت روحاً أدبيّة أفضل من حكي “أوشيك” : بابل، أوروك، سدوم، عموريّة، آلهة مصر وتشاكسها. 

نص أطياف الكون الآخر جهد مبدع طرق زاوية منسية في رؤية ممتعة للقاريء والناقد وهي إضافة حقيقية للمكتبة العالمية فضلاً عن السودانية والغربية….

 

بين يدي رواية أطياف الكون الآخر


لتحميل رواية أطياف الكون الآخر انقر على الرابط أدناه:
02_Atyaf_Alkawn_Alakhar

ququm1
هششش!!! هدوووء. أخفض صوتك.. هل سمعت صوته وهو يتحرك؟ لم تسمعه؟ ألا تسمع ما أسمعه الآن؟ يوجد عفريت معنا في هذا المكان!. لا تصدق؟ ولا تؤمن بالعفاريت؟ ولا الأشباح؟ معقول؟ جميل.. لكن.. أنا نشأت في مجتمعات الخرافة، وبيئات الزار والودع والمندل والفنجال والأشباح الهائمة في الطرقات. الكل مشغول بهم، والكبار من أهلنا يخيفوننا بذكرهم حين كنا صغاراً ويحذروننا من الخروج وحدنا ليلاً حتى لا يظهر لنا “الغول” و”السحار” في الطرقات، أو يتفلت علينا “العفريت” الذي يسكن الكُوَش والخرابات. وقلما تجد امرأة من بني قومي لا تؤمن أن معها أحد العفاريت أو الأسياد.. ورغم أن التعليم المبكر أكسبنا وعياً جعلنا نسخر من أقراننا الذين يخافون من عالم الجن والأشباح والعفاريت، إلا أنه بقيت في دواخلنا رغبة مكبوتة في استكناه هذا العالم الغامض المجهول الذي استحوذ على القصص والحكايات، وغزا العقول ونسجت حوله الأحاجي والأساطير، فقد كان بعضها مسلياً رغم كونه غير منطقي. وحينما تتجاوز المراهقة وتنضج وتتقدم في المراحل التعليمية تستطيع أن تزن الأمور بميزان الدليل والعقل والحجة والمنطق، وتصبح حكاية ظهور العفاريت والأشباح عندك أمراً غير مقبول ولا يمت لعالم الواقع الحديث بصلة. وتتغير نظرتك وفهمك حين تشاهد الأفلام التي تتناول هذا الأمر فتقابلها بكثير من الاستهزاء، وتعتقد أن من يصدق هذه الأكاذيب لابد أن يكون مصاباً برهاب الخوف من المجهول، أو يعاني من عقدة نفسية، وأنه حتماً يحتاج أن يزور الطبيب المعالج. ولكن رغم هذا تبقى في ذهنك تساؤلات كثيرة لا تجد لها إجابة مقنعة، وتسأل نفسك هل كل هذه القصص عن ظهور الأشباح والجن والعفاريت على مدار التاريخ خرافات أنشأها الإنسان ليبرر خوفه وعجزه، أم أنه عالم موجود بالفعل في هذا الكون وله قوانينه ونظامه؟ فلا ريب أن هناك جزءاً ولو يسيراً من أرض الحقيقة في بحر الخرافات والأساطير المتلاطم هذا، ولو كان موجوداً فهل هو موجود على أرض الحقيقة والواقع، أم أنه موجود في عقولنا فقط؟ ولكنك لا تجد ما يشفي غليلك فيبقى هذا العالم الغريب ضرباً من التخرصات والأوهام في عقلك، ومادة للبحث والتحري والتقصي. ولا بد أن البعض منكم سيوافقني أن هناك الكثير من المعلومات الغائبة، أو غير المؤكدة عن هذا العالم الافتراضي، فلا يوجد شخص ذهب إليه على الحقيقة ثم عاد يحكي عنه، إلا ما أشيع من أحاديث “خرافة” الذي زعموا في القديم أن الجن قد اختطفوه فعاش معهم زمناً ثم عاد يحدث بما رأى فلم يصدقه الناس ونسبوا إليه اللامعقول، فكانوا يقولون للحديث الغريب الذي لا تقبله العقول: “حديث خرافة” أو ما يتناقله الناس عن امرأة أو فتاة خطفها الجن ثم هربت منهم وعادت تحكي والناس يقابلون ذلك بالريب والظنون.
وحين تسافر إلى البلاد المتقدمة تفاجأ بعالم آخر قد تقدم في العلوم التجريبية والتقنية، ولكنه رغم ذلك مازال يؤمن بالسحر والخرافة، ويتعامل مع العوالم الأخرى بطرق شتى، فيوقد فيك الرغبة الملحة في استطلاع هذا العالم الغامض الغريب باستخدام المداخل العلمية الصحيحة، وقراءة البحوث الأكاديمية والمؤلفات في عوالم ما وراء الطبيعة، وكل ما يمت لهذا الموضوع بصلة. وسرعان ما تصبح مثل دائرة المعارف في هذا المجال، ولكن كل تلك المعلومات لا تشفي تطلعاتك ونهمك للمعرفة وشغفك. ورغم أن هذا الموضوع لا يحرز مكانة متقدمة ضمن أولوياتك، لكنه يبقى في الذاكرة.
ماذا ستقول لو حكيت لك أن ما يلي حدث معي على سبيل القصص والحكايات:

حدث الراوي فقال:

“في العام الماضي زارني زائر غريب في إحدى الأمسيات. كنت يومها – ومازلت – في كامل عقلي ووعيي دائماً فأنا لا أتعاطى أي شيء يغيب عقلي، أو يؤثر على إدراكي. وحين سمعت الصوت في المرة الأولى ولم أر شيئاً حولي أدركت فوراً أن هذا الصوت ليس مألوفاً ولا يشبه صوت البشر ،كما أنه ليس صوت حيوان ولا طائر، وليس حفيف الأغصان قرب نافذتي، ولا وشوشة الريح وهي تلعب بستائر النافذة المفتوحة. كما أنني لم أترك صوت التلفاز مفتوحاً عندما جلست عند طاولة المكتب في غرفتي. وليس في البيت أحد غيري. وقبل ذلك كان الهدوء والسكون يلفان المكان إلا من صرير القلم وهو يجري فوق الطرس، أو صوت أنفاسي وهي تعلو وتهبط في رتابة.
– هذا أنا .. طيف التجلي.. هل أنت خائف مني؟
حين سمعت أول عبارة استطعت تمييزها على الفور. كانت واضحة ومفهومة. وأيقنت أن هناك مخلوقاً آخر معي في الغرفة. وأن هذا المخلوق ليس بشراً، ولا جسداً مرئياً، ولكنه يتحدث العربية بطلاقة، ويوشوش بها قريباً من أذني.
لا أخفي عليكم أنني شعرت في أول الأمر بثقل في أعضائي، وكهرباء تسري في جسدي كله. وربما كان هذا من أثر المفاجأة أو غرابة الأمر، وأؤكد لكم أنه لم يكن بسبب الخوف، فما اعتدت أن أخشى هذا العالم قط، فأنا أقرأ أذكار الصباح والمساء كل يوم، فأكسبتني طمأنينة لا تتزعزع، وثقة لا تهتز. وسرعان ما استجمعت تركيزي، واستعدت هدوئي النفسي والعصبي، وبقيت أتابع ما يحدث، بل وأستمتع به. وأول ما خطر في ذهني هو أنني بدلاً من أن أسعى إلى هذا العالم فقد جاءني يسعى على قدم وساق، أو على حافر وظلف أو جناح، سمه ما شئت فلا يهمني. المهم هو أنه قد وجدني وهو الآن معي، ويقيني أنه سيفتح لي باباً من التجارب وربما المعرفة. من يدري؟
كنت ابتسم وأنا أراقب حركته وهو يحاول الاقتراب بحذر شديد حتى لا يرعبني – حسب ظنه – وهو محق في هذا، فلا يوجد أحد يسمع هذا الصوت دون أن يفقد وعيه من الخوف، أو عقله من الرعب، فهذا الذي حدث شاذ في طبيعة الأشياء وغير مألوف. ولكنني على العكس من توقعاتكم لم أرتعب، بل كدت أنفجر ضاحكاً من محاولاته التي تشبه محاولات طفل ساذج حين يرغب بشدة في الاستحواذ سراً على قطعة من الحلوى، لكنه يخشى أن تنتبه أمه فتمنعه من الحصول عليها. وأردت أن ألاعبه قليلاَ قبل أن أستجيب له وأكلمه فيطمئن إلى أنني أتقبل وجوده معي بل ومشاركته الحديث. وعجبت لحرصه الشديد على الاقتراب والحديث وسعيه إليه، فأنا أعلم جبن هذه المخلوقات وخوفها من البشر الذين يذكرون الله ويلجأون إليه.
وحين أذعنت لرغبته الملحاحة آخر الآمر أدركت أنه يرغب في أن يتكلم، وأن يتكلم كثيراً، ثم فهمت أنه يرجوني أن أدون ما يمليه وأنشره للناس. ولم أجادله أبداً، فقد رأيت أن هذه تجربة جديرة بالتوثيق، وكنت تواقاً إلى أن أعلم إلى أين تقودني، وإلى أي شيء ستنتهي، وربما تصبح بحثاً مفيداً، أو أؤلف منها كتاباً، أو رواية أهديها للقراء. وحاولته حتى يتجلي لي فأراه لتكتمل الصورة والصوت في عقلي، ولكنه لم يفعل. وكنت أتوق لرؤيته في أي شكل من الأشكال – المألوفة بالطبع – ولكنه اعتذر بأنه قد تعب من تقمص الشخصيات والتجسد، فآثر أن يبقى على طبيعته لأنه مرتاح في ذلك الوضع، كما أنه يخشى أن يشغلني عن الكتابة والتدوين، فما اختارني إلا لأدون مذكراته وأنشرها للناس. ولم أتردد لحظة واحدة، فقد كنت ممسكاً بالقلم، وكان دفتر التدوين حاضراً، فتركت أناملي تنساب طوعاً لتكتب ما يمليه. وعلى الفور سكت ذلك الصوت، ورأيت القلم الذي أمسكه بين أناملي يتقافز منزلقاً فوق الصفحات يكتب ويكتب دون هوادة، وكأن شخصاً آخر غيري يمسكه ويحركه ليكتب هذا الكلام، وكأن يداً أخرى غير يدي تكتب. وفي حين كان ضمير الغيب عندي ينطلق طوع إرادته ويكتب ما يمليه، كان ضمير الحضور في عقلي المدرك يعلم تمام العلم أن هذا طيف قد ضل طريقه إلى عالم البشر، وأنه قد وجدها فرصة ليملي مذكراته على رجل منهم ليقوم بنشرها وعرضها على الناس، فدونكم مذكرات هذا الطيف التائه لتقرأوها وتستمتعوا بها، مثلما فعلت أنا حين كتبتها!!
الراوي

حفل توقيع رواية أطياف الكون الآخر بمعرض الشارقة الدولي للكتاب 2014


[fusion_builder_container hundred_percent=”no” equal_height_columns=”no” hide_on_mobile=”small-visibility,medium-visibility,large-visibility” background_position=”center center” background_repeat=”no-repeat” fade=”no” background_parallax=”none” parallax_speed=”0.3″ video_aspect_ratio=”16:9″ video_loop=”yes” video_mute=”yes” border_style=”solid”][fusion_builder_row][fusion_builder_column type=”1_1″ layout=”1_1″ background_position=”left top” background_color=”” border_size=”” border_color=”” border_style=”solid” border_position=”all” spacing=”yes” background_image=”” background_repeat=”no-repeat” padding=”” margin_top=”0px” margin_bottom=”0px” class=”” id=”” animation_type=”” animation_speed=”0.3″ animation_direction=”left” hide_on_mobile=”small-visibility,medium-visibility,large-visibility” center_content=”no” last=”no” min_height=”” hover_type=”none” link=””][fusion_text]

[/fusion_text][/fusion_builder_column][/fusion_builder_row][/fusion_builder_container][fusion_builder_container hundred_percent=”yes” overflow=”visible”][fusion_builder_row][fusion_builder_column type=”1_1″ layout=”1_1″ background_position=”left top” background_color=”” border_size=”” border_color=”” border_style=”solid” spacing=”yes” background_image=”” background_repeat=”no-repeat” padding=”” margin_top=”0px” margin_bottom=”0px” class=”” id=”” animation_type=”” animation_speed=”0.3″ animation_direction=”left” hide_on_mobile=”no” center_content=”no” min_height=”none” last=”no” hover_type=”none” link=”” border_position=”all”][fusion_text][metaslider id=11478][/fusion_text][/fusion_builder_column][/fusion_builder_row][/fusion_builder_container]

وكالة أنباء الإمارات: إطلاق رواية أطياف الكون الآخر من دار الياسمين


WAM

حفل إطلاق رواية أطياف الكون الآخر


[fusion_builder_container hundred_percent=”yes” overflow=”visible”][fusion_builder_row][fusion_builder_column type=”1_1″ background_position=”left top” background_color=”” border_size=”” border_color=”” border_style=”solid” spacing=”yes” background_image=”” background_repeat=”no-repeat” padding=”” margin_top=”0px” margin_bottom=”0px” class=”” id=”” animation_type=”” animation_speed=”0.3″ animation_direction=”left” hide_on_mobile=”no” center_content=”no” min_height=”none”][metaslider id=4877]

أبوظبي في 15 يوليو / وام / نظمت دار الياسمين للنشر والتوزيع اليوم بمقر المعهد الدولي للدبلوماسية الثقافية في أبوظبي حفل إطلاق رواية ” أطياف الكون الآخر ” للروائي السوداني الدكتور عمر فضل الله بحضور الدكتورة مريم الشناصي مؤسسة ومديرة الدار والشاعر الإماراتي كريم معتوق وعدد من المهتمين.

وأوضحت الدكتورة مريم الشناصي في تصريح لـ “وكالة أنباء الامارات” أن معظم كتاب دار الياسمين للنشر والتوزيع من حملة الدكتوراة والمثقفين والحاصلين على جوائز عالمية .. مشيرة إلى أن الدار تختص بجميع الأنشطة سواء الشعر أو السياسة والعلوم والتغذية وغيرها ما عدا أدب الأطفال. ولفتت الشناصي إلى أن دار الياسمين للنشر والتوزيع تهدف في المقام الأول إلى تقديم الكاتب ومنتجه إلى الجمهور ودعمه وهي تحتضن جميع الكتاب ومن جميع الجنسيات. وأشارت إلى أن رواية ” أطياف الكون الآخر ” التي تضم 300 صفحة من الحجم الوسط تعد إضافة جديدة الى اصدارات دار الياسمين للنشر والتوزيع وهي رواية تمزج بين أدب الخيال ” الفانتازيا ” وأدب الواقع الذي يأخذ القاريء في رحلة جميلة بين عالمين هما عالم الأساطير التي طالما سمع بها على مدار التاريخ وعالم الواقع المعاش الذي ينقل القارىء الى أحلام الكون القديم وواقع العصر الحديث من خلال السرد الممتع والخيال الخصب للروائي. ونوهت الشناصي إلى أن الروائي السوداني عمر فضل الله نجح من خلال روايته ” أطياف الكون الآخر” في مزج الخيال بالحقائق العلمية بطريقة تضفي الواقعية على الرواية وانتهج نهجا جديدا في كتابة الرواية العربية حيث جمع بين الحقيقة والخيال في قالب مشوق ولغة شاعرة وأسلوب بديع. من جانبه أشار الروائي عمر فضل الله إلى أن رواية ” أطياف الكون الآخر” تصطحب القارىء في رحلة زمانية طويلة تمتد منذ بدء الحياة على كوكب الأرض من خلال قصة أملاها أحد الأطياف يحكي فيها قصة حياته ويتنقل بنا ما بين العراق والشام ومصر والسودان وبلاد الخليج العربي في ذلك الزمان القديم كما يقص سيرته وعلاقته بالبشر متناولا الجوانب النفسية والعاطفية التي يتميز بها الإنسان عن الأطياف. ولفت إلى أن الرواية تعقد المقارنات بأسلوب جميل بين نمط الحياة في العصور القديمة مقارنا بمخترعات العصر الحديث والتقدم الحضاري والتقني حيث يتخذ دبي رمزا للحضارة الحديثة ويقارن بينها وبين وادي عبقر. جدير بالذكر أن الروائي السوداني الدكتور عمر فضل الله له اسهامات عديدة ومتنوعة في مجالات الأدب والفكر وتعد روايته ” أطياف الكون الآخر” الثانية بعد ” ترجمان الملك”.

[/fusion_builder_column][/fusion_builder_row][/fusion_builder_container]

من أطياف الكون الآخر: في القمقم


ququm0وكنت وأنا في ذلك القمقم الزجاجي أرى ما حولي ولا أستطيع الحركة. رأيت قماقم كثيرة من حولي وأطيافاً محبوسين. ورأيت الشعب المرجانية والأسماك الملونة تسبح في حرية وهي تحاول الاقتراب من تلك القماقم ولكنها لا تقدر أن تلمسها فقد كانت محروسة بتعاويذ أولئك الجنود. وكنت أدرك أنه لا فكاك من هذا القمقم إلا بإحدى طرق ثلاث: أن يعفو عني النبي «سليمان» فيأمرهم بإخراجي، ولكن ذلك أمر مستبعد فقد فعلت أشياء تشيب لها الولدان وكنت أستحق القتل عن جدارة لقاء ما فعلت، أو أن تنقضي الفترة التي قدر فيها عقابي ولم أكن أعلم كم هي تلك الفترة، فقد تكون سنة واحدة أو عشرة آلاف، أو أن يموت النبي «سليمان» فيبطل الختم الذي تم وضعه على فوهة ذلك القمقم. وبقيت أنظر وأنتظر وأتأمل أن يحدث أحد تلك الأمور. وانقضى اليوم الأول كئيباً وكأنه ألف عام، وكأن تلك الشمس قد تسمرت في أفق السماء تأبى أن تتحرك نحو المغيب، وكأنها وقفت لتراقبني وتراني في قاع البحر فتشمت بي وتهزأ مني. وبعد أن شارفت نفسي على الهلاك رضيت تلك الشمس أن تتوارى وراء الأفق بعد أن شفت غليلها مني فغاب ضوؤها وحل الليل، وغاب معها أملي في أن يعفو عني النبي «سليمان» في تلك الليلة. وقبل أن أدرك مجيء الظلام أشرقت الشمس مرة أخرى في اليوم التالي وعادت بإطلالتها الساخرة وبقيت في كبد السماء، ثم غابت ثم أشرقت ثم غابت. وتكرر المشهد حتى أصبح رتيباً مثل انهيار المضارب من أيدي الموقعين فوق الطبول النحاسية. ما إن يرتفع مضرب حتى يقع الآخر ويظل النحاس يرزم بالأصوات المتكررة الرتيبة التي لا تنقطع ولا تتوقف ليل نهار. واستسلمت لهذه الحال وتوقفت عن المقاومة في انتظار ما تأتي به الأيام. ومع مرور الزمن غاب ذلك الترقب والأمل في نفسي، وخبا ذلك الغضب في قلبي، وانحسرت تيارات العداء، وحل محلها لوم وتأنيب ضمير ومراجعة نفس وتفكير طويل فيما فعلته ثم تأمل ونظر فيما حولي. البحر يعينك على هذا فهو هناك مهما مرت الأزمان وتعاقبت الدهور. الماء من حولك ومن فوقك ومن أسفل منك، والأسماك تذهب وتجيء، وقد يذهب البعض منها ثم لا يجيء أبداً بل يجيء غيرها. القمقم الذي سجنت بداخله شهد أحداثاً كثيرة حوله. فقد سكن تحته الأخطبوط وحامت حوله وفوقه الأسماك والقروش، واتخذته كثير من مخلوقات البحر مأوى لها تربض تحته، وحملته تيارات الماء في أحيان أخرى فلعبت به كثيراً وانتقل معها جيئة وذهاباً. وكانت الرمال تغمره وتغطيه فلا أرى شيئاً تحت ذلك الركام ثم لا تلبث المياه أن تنحت تلك الرمال فيخرج القمقم وأتمكن من الرؤية مجدداً.ququm1 وشهدت حطام السفن الغارقة وجيف الموتى الذين ألقى بهم قتلتهم في المياه، وتسابق الأسماك لتفتك بتلك الأجساد الميتة قبل أن تتركها عظاماً ورأيت جيف الحيوانات الغارقة واجتماع جيوش الأسماك حولها تنهش من تلك الولائم السهلة. ثم بمضي الزمان وتتالي الأيام وتوالي العقود والعهود ساد المكان سكون أبدي وساد قلبي سلام داخلي واستسلام كامل ولامبالاة بما يحدث من حولي، وشهدت أجيالاً متعاقبة من الأسماك وحيوانات البحر، تولد وتموت وتجيء أجيال بعدها ثم ما تلبث تلك الأجيال أن تنقرض وتستمر دورات الحياة.. لم أتمكن من حساب الأيام لأن وسيلة الحساب عندي كانت طلوع الشمس وغروبها، وحين غاص ذلك القمقم عميقاً وطمرته نباتات البحر ورمالها غاب ضوء الشمس وما عدت أميز مجيء الليل ولا طلوع النهار، وتساوت عندي الساعات والأيام والشهور والسنين حين تساوى الليل والنهار. وكنت أقدر الزمان بساعتي الداخلية بين جوانحي تقديراً.. الحاسة الوحيدة التي توهمت أنها بقيت عندي هي حاسة السمع، رغم أنني ماكنت أقدر أن أسمع شيئاً خارج جدران القمقم. ولكن حين تتعطل جميع حواسك تصبح أنت والأموات سواء. كنت أتوهم أنني أسمع همهمات الأمواج وهي تلثم جدران القمقم الخارجية، وحركة الأسماك التي تلامسه، ودبيب الكائنات الدقيقة على الرمل وحركة حبيبات الرمل تحت تلك الأقدام الصغيرة في القاع هي سلوتي الوحيدة وعزائي لأتشبث بالحياة. كنت أعد حبات الرمل فأحسب كم حبة رمل تحركت اليوم أو أتوهم ذلك، وكم من الكائنات الدقيقة تسلق جدران ذلك القمقم من الخارج. وبقيت الأحلام هي متعتي الوحيدة في ظلمات البحر وتحت الرمل. وصنعت لنفسي عوالم كثيرة من الوهم الجامح والخيالات العجيبة والأحلام الغريبة، وكنت أنتقل لأعيش فيها كيفما يحلو لي، وصنعت لنفسي أصدقاء من الوهم والخيال فكنت ألعب معهم أحياناً وأتشاجر معهم كثيراً وأتنقل معهم بين الأزمنة والأماكن. أصنع القصور الوهمية ثم أغضب لأشن عليها الحروب وأهدمها. وأحياناً أتمثل نفسي أميراً ساحراً وأحياناً ملكاً جباراً، أو أتحول لأصير فتاة جميلة أو ساحرة عجوزاً مشئومة، أو أتخيل نفسي قندساً يسبح في الماء أو عصفوراً يطير حراً في الهواء ويحلق في أفق الفضاء.

صدور رواية أطياف الكون الآخر عن دار الياسمين


Atyafcoverصدرت عن دار الياسمين للنشر والتوزيع بالشارقة دولة الإمارات العربية المتحدة رواية أطياف الكون الآخر للروائي د. عمر فضل الله وهي الرواية الثانية للمؤلف بعد رواية ترجمان الملك.

الروائي عمر فضل الله ينهج نهجاً جديداً في كتابة الرواية العربية يجمع بين الحقيقة والخيال في قالب مشوق ولغة شاعرة وأسلوب بديع. وتعتبر هذه الرواية إضافة جديدة تمزج بين أدب الخيال (الفانتازيا)  وأدب الواقع الذي يأخذ القاريء في رحلة جميلة بين عالمين هما عالم الأساطير التي طالما سمع بها على مدار التاريخ وعالم الواقع المعاش حيث ينقلك طيف التجلي بين أحلام الكون القديم وواقع العصر الحديث ليدير ذهنك على عجلة الزمان منذ الحقبة الأَرْكِية، وحقب البدء، والحياة القديمة، إلى عصر المجموعات الاجتماعية والشبكة الدولية وزمن الفوضى والهوان. طيف التجلي يهمس لك بحكايته عبر القرون والتي أملاها في الألفية الثالثة من عصـر بني الصلصال ضمن الحقبة الخامسة من حقب الدهر القديم لكوكب الأرض وكتبها عمر فضل الله في زمانكم هذا!!! الرواية عالجت كثيراً من القضايا والعلاقات النفسية والاجتماعية من خلال السرد الممتع والخيال الخصب للروائي.
كاتب الرواية يصطحبنا في رحلة زمانية طويلة تمتد منذ بدء الحياة على كوكب الأرض خلال قصة أملاها أحد الأطياف يحكي فيها قصة حياته ويتنقل بنا ما بين العراق والشام ومصر والسودان وبلاد الخليج العربي في ذلك الزمان القديم كما يقص سيرته وعلاقته بالبشر متناولاً الجوانب النفسية والعاطفية التي يتميز بها الإنسان عن الأطياف كما يعقد المقارنات بأسلوب جميل بين نمط الحياة في العصور القديمة مقارناً بمخترعات العصر الحديث والتقدم الحضاري والتقني حيث يتخذ مدينة “دبى” رمزاً للحضارة الحديثة ويقارن بينها وبين وادي عبقر.
الرواية محكمة البناء جيدة الصياغة والكاتب متمكن من أدواته الروائية حيث نجح في مزج الخيال بالحقائق العلمية بطريقة تضفي الواقعية على الرواية.
يقع الكتاب في 300  صفحة بالحجم المتوسط
القياس: 19X 15 سم
الرقم الدولي: ISBN978-9948-22-259-0
الناشر: دار الياسمين للنشر والتوزيع – الشارقة

مقتطفات من رواية أطياف الكون الآخر


طيف التجليعفواً فقد نسيت أن أقدم نفسي مع أنه أمر صعب جداً، فقد تغيرت أسمائي كثيراً حتى أنني ما عدت أذكر منها إلا القليل. فقد اتخذت اسماً في كل دورة من دورات الزمان، وجسماً فيما لا أستطيع أن أعده من الأماكن والأحوال. كنت أصير كبيراً في الحجم مثل الجبل أحياناً، أو أتضاءل فأصير مثل نملة صغيرة. وكانت عندي قدرة عظيمة على الطيران، فقد كنت أسرع طيار في العوالم السبع، وكنت أستطيع الانتقال من أي مكان إلى مكان آخر، مهما كان بعيداً وذلك بمجرد النظر ناحيته.

ما هو اسمي الآن؟ سمني ما شئت فلا فرق عندي. فما عادت الأسماء شيئاً ذا بال، ولا أصبحت تدل على شخصيات أصحابها. فما هي إلا مجرد أسماء. وأنت لا تختار الاسم الذي ترغبه أو تحبه، وإنما يختارونه لك، ويظل يرافقك مدى الحياة. أين أنا الآن؟ معك بالطبع!! لا تصدقني؟ أنظر إلى الأعلى فوقك تماماً…. لماذا لم تنظر؟ أراك متردداً أو خائفاً. ما الذي سيحدث لو نظرت؟ لن تراني بالطبع فقد كنت معك طول عمرك وأنت لم ترني، ولم تكُ خائفاً مني فلماذا خفت الآن؟ وبالمناسبة فإن مسألة الرؤية وعدمها متعلقة بك أنت وحدك، فأنت تستطيع رؤيتي لو أردت في أي وقت. والأمر كله في عقلك ومتعلق بك وبإرادتك. نحن – أعني أنا وأنت – نصنع عوالمنا في عقولنا. ولكل إنسان عالمه الخاص. وكل واحد منها يختلف عن الآخر. وجميعها عوالم حقيقية، لأننا نعيشها بعقولنا ونتخيلها. وربما يكون الخيال عالماً آخر موازياً لعالم الحقيقة لدينا، يقترب من واقعنا أو يبتعد حسبما نرغب. تخيل معي وجود ملايين العوالم والأكوان الحقيقية والخيالية الموازية والمتداخلة في الوقت نفسه، وبمجرد تخيلها في ذهنك تصبح عالماً آخر حقيقياً موازياً لعالمك الواقعي، وتستطيع أن تعيش فيها قدر ما تشاء. العالم الواقعي ليس واحداً، بل هو عوالم كثيرة تفوق قدرتنا على العد والإحصاء. نحن نخجل أن نحكي للناس عنها ربما لأنها تدل على طفولتنا أكثر مما تدل على نضجنا، أو لأن الناس لا يحترمون من يجنح للخيال كثيراً، أو فقط لأن الآخرين لا يرونها ولكننا نراها بعقولنا، ونتمنى أن نبقى فيها أطول وقت ممكن، وفي الواقع هي أكثر اللحظات إمتاعاً في حياتنا، نهرب إليها من واقعنا المؤلم الذي صنعناه بأنفسنا.

مازلت تحس أنك خائف مني؟ هل مجرد ذكري مخيف لهذه الدرجة؟ وهل تصدق أنني أخاف منك أكثر مما تخاف مني وتخشاني؟ أنت في نعمة كبيرة فأنا خفي بالنسبة لك ولا أظهر لك ولا تراني إلا نادراً، ولكن أنت بالنسبة لي نقمة وعذاب، فأنت تظهر لي في جميع الأحوال وأراك في كل مكان، حتى لو حاولت أن أغمض عيني. تخيل هذا الرعب المستمر. أنت تخشى الأماكن المظلمة لأنك تظن أنني أسكنها وأنني سوف أظهر لك منها فجأة، بينما تجدني أموت رعباً من الأماكن المضيئة، فقد أرغمت على البقاء في الظلام أعواماً طويلة من عمري محبوساً، ومع الأيام أصبح الظلام هو عالمي، ولذا فأنا أخاف من النور مثلما تخاف أنت من الظلام. ولكنك نسيت أن دنياك معظمها ظلمة، فأنت تغمض عينيك الساعات الطوال كل يوم حين تنام، فالظلام رحمة أنت لا تدرك قيمتها. وعالمك مثل عالمنا، كله مظلم إلا من بصيص أضواء تنبعث حين تلجأ إلى الحقيقة السافرة، فتضيء جوانحك، وتنير روحك وعقلك، وتحرره من قيوده وأثقاله.

والآن هل تريد أن تراني أم ما زلت متردداً؟ انظر إلى الأعلى وأنا سأتجسد لك لتراني على حقيقتي. هذه فرصة لن تتكرر فلا تضيعها. ما زلت لا تريد أن تنظر؟ لن ألح عليك ولكن تأكد أنك حين ترغب في رؤيتي حقاً فسوف تراني. الأمر كله متعلق بإرادتك. قد أتحول أحياناً فأصير على قفاك وخلف ظهرك، ولكنني في معظم الأحيان أبقى فوق رأسك من الخلف وأنت لا تقدر أن ترى هامتك إلا إن نظرت في أكثر من مرآة. ولذا فأنا أحب هذا المكان، هامتك طبعاً. هل تعتقد أنني مشاكس؟ لم أعد كذلك فأنا في آخر عمري، وما عادت المشاكسة تمتعني، بعد أن كنت أقضي أجمل أوقاتي مشاكساً. أنا الآن أحب أن أتقرب منك حتى تقبل أن أحكي لك قصة حياتي، ففي ذلك سلوى لنفسي بكل تأكيد.

أطياف الكون الآخر : مقتطفات من وحي بابل


Atyaffطيف التجلي ينقلك بين أحلام الكون القديم وواقع الكون الحديث ليدير ذهنك على عجلة الزمان منذ الحقبة الأَرْكِيّة، وحقب البدء، والحياة القديمة، إلى عصر المجموعات الاجتماعية والشبكة الدولية وزمن الفوضى والهوان. اسمع حكايته التي أملاها في الألفية الثالثة من عصـر بني الصلصال ضمن الحقبة الخامسة من حقب الدهر القديم لكوكب الأرض وكتبها عمر فضل الله في زمانكم هذا.

مقتطفات من (وحي بابل)

أحس أحياناً أن طيف أمي يسكن داخل جمجمتي ويطل منها عبر حدقتى عيني إلى العالم. حين أفكر في هذا أحس بلهيب تلسع حرارته قلبي وتنتقل إلى كل ما حولي. أمي تمتلك حقداً يتسع لكل هذا العالم ويفيض.

عفواً فقد نسيت أن أقول لك إن ظننت أنني أثرثر كثيراً فيمكنك أن تخبرني لأتوقف. فليس من الضروري أن تستمع لكل شيء، وأعتقد أن كثيراً مما ورد في مذكراتي لا يهمك في شيء، وقد تظن أنني أهذي، وفي واقع الأمر فإن كل ما أقصه عليك هو حقيقة أمري التي غابت عنكم يا بني الصلصال. كل ما في الأمر هو أنني أردت أن ألخص قصة حياتي التعسة لمن بعدي عله يتعظ بها. وبالصدفة كان البائس المسكين الذي كتب عليه أن يستمع إليها أو يقرأها هو أنت في هذا الزمان الكئيب من عمر بني الصلصال!! إنني أرثي لحالك وأنت تقرأ مذكراتي وتبغضها ثم أعجب لك وأنت تتشبث بصفحاتها وتقرأ في عناد وإصرار!!. حقاً إنني لا أفهمك. ياترى هل ترغب حقاً في المواصلة أم أنك لا تجد شيئاً آخر تفعله سوى القراءة؟

لا أريدك أن تجيب على سؤالي هذا ولا أن تعلق على اقتراحي لأنني – بالطبع – لن أتوقف عن رواية قصتي لأنك فقط لا تريد الاستماع إليها. ولو حدث أنك سددت أذنيك بأصابعك أو انصرفت في غير مبالاة فسوف أستمر في سرد حكايتي وبصوت عالٍ لعله يسمعها شخص عابر فيعيها أكثر منك أو ربما أكلم بها الجدران والتراب والأشجار، وقد أكلم نفسي أو أبث كلامي في الهواء ليبقى هناك منساباً بلا وجهة محددة.. ومن يدري فقد يكون هناك عالم آخر مواز لعالمكم هذا وتكون فيه مخلوقات عاقلة وقادرة على أن تسمع روايتي وتتعظ بها. أو قد يجيء في آخر الزمان من لديه القدرة على استعادة هذا الكلام من الأثير وسماعه والاستفادة منه. أظن أن مثل هذا أصبح ممكناً أو قريباً من الإمكان في زمانكم.. لو نجح بنو الصلصال في هذا لتمكنوا من سماع الحوار بين أبيهم آدم وأمهم حواء. أو لربما سمعوا هدير أمواج الطوفان في عهد نوح أو استغاثة فرعون مصر حين أطبقت عليه أمواج البحر.

نحن في عالم الأطياف نستطيع إذا أردنا أن نستعيد كلام الأسلاف السابقين وحواراتهم فما هو إلا أن نطلب من الأرواح القديمة أن تحدثنا فتنطلق في حكاية لا تنتهي تروي وتروي وتروي ولا تريد أن تسكت.

اطلب مني ما شئت فأنا رهن إشارتك. هل ترغب أن تسمع همسات القائد الروماني «مارك أنطونيو» وهو يسكب أعذب كلمات الغزل والحب في أذن «كليوباترا» المصرية؟ أو ربما ترغب في مشاركة «روميو» و«جولييت» ليلة من ليالي الحب؟ أو «لانسيلوت» و«غوينفير» أو«تريستان» و«أيسولد»؟ ما رأيك أن أنقل لك ساعة واحدة من سويعات «هيلين» زوجة «مينيلوس» ملك «اسبارطة» التي كانت أجمل النساء في ذلك الوقت والتي وقع «باريس» ابن ملك «طروادة» «بريام» في حبها وخطفها وعاد بها الى «طروادة» ذلك الحب الذي أدى إلى تدمير «طروادة». أنا أحب هذا النوع من العشق الذي ينتهي بتدمير المدن وخراب الأمم. طبعاً أنت تعلم أن ذلك العشق أغضب اليونانيين الذين جمعوا جيشاً جرارا لاستعادة «هيلين» ودمراوا «طروادة» وأعادوا «هيلين» إلى «اسبارطة» لتعيش مع زوجها «مينيلوس» بقية حياتها.

بالطبع أنا أعلم أنك في قرارة نفسك يعجبك مثل هذا الكلام وتحب سماع هذا النوع من القصص. وأظن أن الفصل الأول من قصة حياتي قد أوحى إليك بالكثير من الأفكار، ولربما تكون الآن قد فكرت في سرد قصة حياتك. أريدها مجردة مثل سيرتي، بلا أكاذيب أو تلفيق . هكذا.. حقائق مجردة من كل ثوب. هل تجرؤ؟

***