موسوعة الكتب الإلكترونية المجانية ورسائل الماجستير والدكتوراة


11 مليون كتاب الكتروني مجاني
(موسوعة الكتب الإلكترونية المجانية)
أضخم وأكبر المكتبات العربية الإلكترونية المجانية لكتب والأبحاث والرسائل العلمية .. مكتبات متخصصة في كل المجالات متنوعة في كافة العلوم الإنسانية وكل ما تحتاجه من كتب ومجلدات ستجده ضمن هذه المكتبات .. فقط أضغط على الرابط ليفتح:

1- مكتبة المصطفى http://goo.gl/vDnSq3
2- مكتبة الإسكندرية http://www.bib-alex.com/
3- جامع الكتب المصورة http://kt-b.com/
4- مليون كتاب الكتروني http://goo.gl/Nvmjs
5- خزانة الكتب http://goo.gl/0SJlkX
6- المكتبة الوقفية http://goo.gl/3eXURW
7- مكتبة الكتاب العربي http://goo.gl/QUy63S
8- مكتبة صيد الفوائد http://goo.gl/AF2Asu
9- مكتبة الوراق http://goo.gl/CIdHm
10 – مكتبة ستار للحاسب الآلي والبرمجيات http://goo.gl/5EBHUN
11- مكتبة نهلة http://goo.gl/cl9oa1
12- مكتبة الكتب http://goo.gl/6a0a
13- المكتبة الإلكترونية المتنوعة http://www.y-ebooks.com/
14- مكتبة المشكاة الإسلامية http://goo.gl/JB9D1
15- هنا مكتبتي http://goo.gl/7Ws34
16- مكتبة لقيت روحي http://goo.gl/Yxy3Je
17- مكتبة صحبة نت http://goo.gl/2C2hXj
18- مكتبة الجليس http://www.aljlees.com/
19- كتابي دوت كوم http://www.ktaby.com/
20- مكتبة الشرق الأوسط http://goo.gl/bz82b
21- المكتبة الإلكترونية للمنتدى العلمي الثقافي
http://www.3rbsc.com/vb/forumdisplay.php?f=59
22- – المكتبة العربية http://abooks.tipsclub.com/
23- مكتبة الولف http://books.al-wlf.com/
24- مكتبة الكتاب العربي
http://www.arabworldbooks.com/E-Books/e_books.html
25- مكتبة بتر لايف http://www.betterlifestore.org/
26- مكتبة نبع الوفاء http://www.s0s0.com/
27- مكتبة الأوائل http://www.trytop.com/
28- مكتبة جسد الثقافة http://aljsad.com/forums.php
29- المكتبة الالكترونية المجانية http://www.fiseb.com/


محركات مواقع البحث عن الكتب والرسائل الجامعية:
أولا: محركات البحث عن الكتب الأجنبية
‏(1) http://ebookee.org/
‏(2) http://www.free-ebooks.net/
‏(3) http://www.ebookbusiness.org/
‏(4) http://bookboon.com/
‏(5) http://www.freebookspot.es/
‏(6) http://vnuki.org/library/
‏(7) http://libgen.info/index.php
‏(8) http://www.scribd.com/

‏Username: businessdatabases
‏Password: business@2011
…………….. ………
ثانيا: محركات البحث عن الرسائل العلمية
رسائل الماجستير والدكتوراه داخل مصر
(1) قاعدة بيانات الرسائل العلمية بالجامعات المصرية
http://www.eulc.edu.eg/
رسائل الماجستير والدكتوراة خارج مصر

‏(1)ProQuest Dissertations & Theses: Full Text
http://proquest.umi.com/pqdweb
‏Username: UITMUSER01
‏Password: welcome

‏(2) http://pqdtopen.proquest.com/
‏With PQDT Open, you can read the full text of open access dissertations and theses free of charge.
‏(3)NDLTD UNION CATALOG
أكبر محرك بحث مجانى للرسائل العلمية على الانترنت
http://www.ndltd.org/serviceproviders/scirus-etd-search
(4)محرك بحث عالمى لرسائل الماجستير والدكتوراة
‏The Ohio Library and Information Network
http://search.ohiolink.edu/etd/index.cgi
(5)محرك بحث عالمى لرسائل الماجستير والدكتوراة
‏Cybertesis
http://www.cybertesis.edu.pe/sdx/sisbib/
(6)محرك رسائل الماجستير والدكتوراة فى استراليا
‏ADT (Australiasian Digital Theses Program)
http://trove.nla.gov.au/book/result?…ortby=dateDesc
(7)محرك رسائل الماجستير والدكتوراة فى البرازيل Biblioteca Digital de Teses e Dissertacoes
http://bdtd.ibict.br/
(8)رسائل الماجستير والدكتوراة فى الجامعات الالمانية Deusche National Bibliothek
http://www.d-nb.de/eng/index.htm
(9)رسائل الماجستير والدكتوراة فى الدول الاسكندنافية DiVA
http://www.diva-portal.org/
(10)رسائل الماجستير والدكتوراة فى الجامعات الانجليزية EThOS
http://ethos.bl.uk/
(11)رسائل الماجستير والدكتوراة فى الجامعات الهولندية NARCIS
http://www.narcis.info/
(12)رسائل الماجستير والدكتوراة فى جنوب أفريقيا
‏National ETD Portal (South Africa)
http://www.netd.ac.za/
(13)رسائل الماجستير والدكتوراة فى الجامعات البرتغالية
‏RCAAP – Repositório Científico de Acesso Aberto de Portugal
http://www.rcaap.p

هدية من عميد شؤون المكتبات بجامعة جدة الدكتور / علي بن صالح الخبتي

العيلفون صانعة تاريخ وأرض أمجاد


(الحلقة 1)
الذكرى الثامنة والثمانون بعد الأربعمائة لميلاد أول دولة إسلامية في السودان يتم الإعلان عنها من مسيد الشيخ إدريس بن محمد الأرباب بالعيلفون
في مثل هذا العيد – عيد الأضحى – منذ 488 عاماً من الآن تم الأعلان عن قيام سلطنة الفونج والعبدلاب كأول دولة سودانية ذات هوية موحدة وذلك في أول أيام عيد الأضحى الموافق ليوم الأحد العاشر من ذي الحجة عام 935هـ – الخامس عشر من أغسطس عام 1529م. من مسيد الشيخ إدريسبن محمد الأرباب بمنطقة بتري الشرقية (العيلفون).
أهدي هذه السلسلة من المقالات إلى أبينا وجدنا الأكبر الشيخ إدريس وإلى نسله وأحفاده من بعده ومحبيه، وإلى الأمة السودانية التي مازالت تتطلع إلى مصلح رباني مثله يوحد شتاتها ويقوم معوجها ويقيم أركانها وينصح سلطانها.
عمر أحمد فضل الله

هل قلت لكم إن الشمال الشرقي لإفريقيا هو المحور الذي دارت حوله عجلة تاريخ الدول والسلطنات والممالك في المنطقة كلها؟ وأنا الذي كنت أظن – مثل كثيرين- أن هذه البقعة من العالم بقيت جزيرة يتيمة معزولة ومنسية في محيط تاريخ الأحداث التي دارت حولها، وأنها كانت ذات أثر قليل وذكر خامل. لكنني حين قرأت التاريخ القديم المدون في التوراة ثم تاريخ العرب في الأندلس (غرب أوربا) وتاريخ الفونج في السودان (شرق إفريقيا) ثم تاريخ الدولة العثمانية (شرق أوربا والشام ومصر) أيقنت أن هذه المنطقة استمرت محوراً تدور حوله أحداث التاريخ في زمان الدولة السنارية، وفيما قبله من الأزمنة، فقد بقيت صانعة أحداث وصفتها التوراة بأنها أمة طويلة وجرداء وشعب مخوف منذ وجوده على ظهر البسيطة وأنها أمة قوة وشدة ودَوْسْ أي أمة حرب وقتال وأن الأنهار قد خرقت أرضها، فهي أرض خضرة وخير ونماء ولهذا فما قويت شوكة دولة حولها إلا استهوتها أرضها، وطمعت في ثرواتها وأموالها فجمعت جيوشها لتغزوها وتبسط عليها سلطانها. لكنها ظلت على مدار الزمان أرضاً عصية على الغزاة، وعرة المسالك، وبقيت شعوبها شديدة البطش تذيق المعتدين المهالك.

ثم أدركتُ أن التاريخ يعيد نفسه بدقائق تفاصيله، وكأنه عجلة واحدة عملاقة تدور حول محورها والدول والأيام تروس فيها. كلما غابت شمس يوم من أيامها في مكان انقلبت على أعقابها لتعيد أحداث ذلك اليوم نفسه من جديد في بقعة أخرى. وكأن أقدار الله أن تقوم سلطنة الفونج في إفريقيا متزامنة مع سقوط دولة الأندلس في أوربا فما أن غربت شمس تلك من الغرب حتى أشرقت شمس هذه من الشرق لتعيد التوازن في القارتين بعد اختلال. ولم يكن بين الغروب والشروق إلا اثنا عشر عاماً من عمر الزمان مثل ساعات ليل أعقبه طلوع الفجر!
رأيت أن الدولة الفُنْجِيَّة هي أندلس أخرى إفريقية وأن ملكها السلطان المؤسس «عمارة ولد عدلان» والذي يقال إنه من سلالة ملوك بني أمية أعظم ملوك الزمان! قد أعاد بناء مجد بني أمية الذي اندثر في الأندلس فأحياه في الشمال الشرقي لافريقيا. ومثلما مضى بعض أجداده من بني أمية في القديم من الشرق إلى الأندلس فأنشأوا حضارة بقيت سبعمائة وواحد وثمانين عاماً جاء أجداه من بني أمية أيضاً إلى شرق إفريقيا ولبثوا ينتظرون دوران عجلة الأيام لينشئوا مُلكاً في قلب هذه القارة فيبقى ثلاثمائة وسبعة عشر عاماً.

لم يكن «عمارة» إذاً طارئاً على الملك! وقد وصفه من عاصره ورآه من المؤرخين بأنه أسود اللون لكنه يحكم البيض والسود معاً، فهيبته هيبة الملوك وسَمْتُهُ سَمْتُهم سجية في غير تكلف. علماء أندلسيون كثيرون جاءوه خاضعين. قدموا له فروض الولاء والطاعة وبايعوه ثم جلسوا أمامه وكأنهم يعتذرون عن التفريط في حضارة حكمت الغرب باسم الإسلام ثمانمائة عام ثم انفرط عقدها وهجرها أهلها قاصدين هذه الدولة الوليدة. هجرة علماء الأندلس كأنها تقول لنا إن هذه الدولة الجديدة هي امتداد لحضارتهم هناك فمذهبها هو مذهب مالك في الفقه ومؤلفاتها هي مؤلفات الأندلسيين، بل إن كثيراً منها جاء إلينا من هناك، وعلماؤها نزح جلهم أو بعضهم من تلك البلاد، ونظام إدارتها هو نظام الإدارة الأندلسي رغم أن هذه الدولة لم ينشأ بنيانها وتكتمل أركانها إلا بعد عقدين ونصف من الزمان منذ سقوط دولة عَلَوَة وتفرق أهلها في البلاد.

ظل «عمارة» (ملكاً) في الجنوب الشرقي مدة من الدهر وحوله عشرات الآلاف من الجند من مختلف القبائل والسحنات واللغات. منهم ذوو الألوان السمراء والسوداء والزرقاء والخضراء وفيهم الشقر وذوو الأعين الخضراء ومنهم من جاء من الغرب من كانم والبرنو وفيهم من نزح من الشرق من بني شنقول وجبال الحبشة وهضابها. وتجمع حوله الفونج من الشرق فتحالفوا مع القبائل القادمة من الغرب وبقوا سنين عدداً متنقلين لم ينشئوا دولة ولم ينصبوا عليهم (سلطاناً)، وكأنهم كانوا ينتظرون توقيتاً أو إشارة من قائدهم (الملك) «عمارة ولد عدلان» الذي كانوا يجلونه أيما إجلال. وكثيرون منهم حين جاءوه وتحالفوا معه كانوا على وثنيتهم إلا أنه لم يغصبهم على عقيدة ولم يطردهم من سلطانه بل بقي يتألفهم بالمعاملة الحسنة والرعاية والعناية فأخلصوا له ودخلوا في الدين طواعية لا كرهاً وصاروا جنوداً للدولة السنارية قاتلوا من أجلها ودافعوا عنها.

وفي الشمال تجمعت القبائل العربية وعلى رأسها القواسمة العبدلاب شمال منطقة سُوبَا بعد سقوط عَلَوَة. وكان حكامهم ملوكاً فيما بينهم لكنهم هم أيضاً لم ينشئوا (سَلْطَنَة) فقد كانوا يعلمون أنهم لو أنشأوها منفردين فإن ذلك لن يرضي «عمارة» وجيوشه كثيرة العدد التي كانت تدخل أرضهم متى شاءت وتبقى فيها كيفما شاءت فتحالفوا معه وبقوا وكلاء له بعد أن كانوا وكلاء لملوك عَلَوَة قبله فاستمروا في حكم قبائلهم العربية في الشمال وجباية الضرائب منها لصالح الملك «عمارة».
قلت لكم إنني حين قرأت تاريخ الفونج وتاريخ الأندلس رأيت تماثلاً في قيام الدولتين. ففي شمال غرب إفريقيا مثلما شرع موسى بن نُصَيْر في تثبيت الدين الإسلامي في الأمازيغ وجعل القيروان قاعدة حصينة في قلب إفريقيا، واعتمد سياسة معتدلة ومنفتحة تجاه البربر الوثنيين مما حوّل معظمهم إلى حلفاء وأنصار، فدخلوا في الإسلام وأصبحوا فيما بعد عمادَ جيشه لدخول الأندلس بقيادة طارق بن زياد، كذلك فعل «عمارة ولد عدلان» فقد نجح في جمع القبائل الوثنية المبعثرة من البَرْتَا وبني شَنْقُول والهَمَج والنوبة والبِجَة والزُّنُوج فتحالفوا معه واتبع سياسة منفتحة تجاههم وأدخلهم في الإسلام وجعلهم جنوداً للدولة.

ومثلما أرسل «موسى بن نصير» القائد الشاب «طارق بن زياد» من طنجة مع جيش صغير من البربر والعرب في الثلاثين من أبريل عام 711م عبر المضيق الذي سمي على اسمه، فاستطاع الانتصار على القوط الغربيين وقتل ملكهم لذريق في معركة جُوَادَالَيتي في التاسع عشر من يوليو عام711 م وفتح الطريق لقيام دولة جديدة كذلك فعل «عبد الله جماع» قائد عرب (القَوَاسْمَةْ) ووكيل «عمارة دُونْقُس» حين انتصر على النوبة وقتل قائد جيوشهم البَطْرِيَرْك «دِيرِين» ودخل مدينة سُوبَا عام 1504م فهدمها ومهد الطريق لقيام دولة جديدة. في حين اجتمعت عند الملك «عمارة» قبائل الأمْبَرَرُو الفُلانُو الجَافُون والمُورِي والدُّوقَّا والقرا والبَرْتَا والبُرُون والبَرْنُو وبَلْدَقُو والجَبَلاوِين والحَمْدَة والرَّقَارِيق والزَّبَالْعَة والزَّبَرْطَة الهَوْسَا والقَبَاوِين والسَّرْكَمْ والفَلاتَة الفُولاني مع قبيلة الفُونْج الكبيرة فصنعوا لهذه البلاد مجداً.

الفونج والعبدلاب ومن تحتهم من القبائل والممالك والمشيخات كانوا محتاجين أن يتوحدوا تحت سلطان واحد في دولة قوية ذات سيادة. لكن ذلك لم يحدث بعد خراب سُوبَا وسقوط عَلَوَة حتى جمعهم (الأرباب) «إدريس ولد محمد» في بُتْرِي الشَّرْقِيَّة بعد خمس وعشرين عاماً من سقوط سُوبَا لما جاء الملك «عمارة ولد عدلان» بأسرته وأهله وجاء الملك «عبد الله جماع» بأسرته وأهله.

«إدريس» وحَّدَهُم ثم أعلن قيام الدولة من مسيده في (بتري الشرقية) أول أيام عيد الأضحى في يوم الأحد العاشر من ذي الحجة عام 935هـ – الموافق للخامس عشر من أغسطس عام 1529م بعد خمس وعشرين عاماً من سقوط سُوبَا عاصمة دولة عَلَوَة لينتقل «دُونْقُس» من (لُولُ) (أُولُو) (بفازوغلي) إلى (سنار) عند (جبل موية) فتكون هي عاصمة الدولة وكرسي ملكه. وينتقل العبدلاب من بعد ذلك من (قرِّي) عند (جبل الرويان) إلى (الحلفايا) لتكون كرسي ملكهم.
جبلا (موية والرويان) إذن كانا مقار السلاطين. و(دُونْقُس وجماع) سلطانان مثل الأخوين إلا أن رتبة «عمارة» أعلى وأعظم من رتبة «عبد الله» إذا اجتمعا في مكان واحد وأما إذا غاب «عمارة» فيعامل «عبد الله» كما يعامل «عمارة» الذي جاء بأسرته الحاكمة جميعها إلى (بُتْري الشرقية) لتكون منتجعه ويكون قريباً من مفتي الدولة ومرجعها «إدريس ولد محمد الأرباب» وقريباً من «عبد الله جمَّاع» شيخ العبدلاب وملكهم.

ويتغير اسم البلدة لتوثق هذا الحدث الفريد في التاريخ حيث اجتمعت الأسرة الحاكمة للفونج والعبدلاب معاً فيطلق الناس عليها (العيلة فونج) بلغة الفونج، أي (الأسرة الحاكمة). وتقوم السلطنة ويعلن اتحاد الفونج والعبدلاب من مسيد ولد الأرباب الذي يصبح هو المرجعية الدينية لسلاطين الفونج والعبدلاب معاً، يأتونه لفض النزاعات ولتكون له كلمة الفصل فيها لا يُرَدُّ كلامُهُ ولا تُنْقَضُ أَحْكَامُهُ.

وحين يعرض عليه الملك «بادي بن رباط» نصف ملكه يرفضه ويطلب أن يكون له الفصل في المنازعات. الملك «بادي» تكلم باسم الفونج وباسم العبدلاب أيضاً فعرض على «إدريس» نصف (دار العسل والبصل) وأراد أن يمنحه كركوج وسنجة ودار الشايقية ودنقلا. لكن «إدريس» قال له بصدق العلماء وزهد الأتقياء:
– الدار دار النوبة والأرض أرض النوبة وأنتم غصبتموها منهم. أنا لا أقبلها، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: “مَنْ ظَلَمَ مِنْ الْأَرْضِ شَيْئًا طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ”.
وعندما رأى ذهول الملك من هذا الرفض الحاسم عرض عليه عرضاً لا يمكن أن يرفضه. قال للملك:

– أعطوني الحجز في كل شيء والوساطة وفض المنازعات والصلح بين المتشاجرين .

فأعطاه الملك الحجز في كل شيء كما طلبه، وأصبح صاحب فض المنازعات لدى ملوك سنار. ثم جمعهم على الفقه والقضاء المالكي ونصح «عمارة» بتقريب العلماء والفقهاء. الله سخر هذا الرجل المبارك ليشد عرى السلطنة بحبل متين من رباط الدين. لكنه بقي بعيداً عن سنار وقرِّي زاهداً في السلطة والملك لا يقف عند أبواب السلاطين بل السلاطين يأتونه فيقفون عند باب خلوته ومسيده. لكن لما كثرت المظالم في سنار أكثر إدريس من الرحلة إليها لنصح السلطان برفع تلك المظالم. والسلطان لا يرد له شفاعة ولا ينقض له حكماً. ومثلما اعتمده شافعاً وقاضياً وحكماً اتخذه للبركة أيضاً فحين تشتكي والدة السلطان يؤتى لها بإدريس ليقرأ عليها القرآن ويرقيها بآياته وينفث بريقه لتشفى أم السلطان ببركة القرآن.
إليك أيها الشيخ الجليل إدريس بن محمد. أيها الأرباب. أهدي بعض ثمرات غرسك. من حفيد محب فتح عينيه على بقايا آثار الملاجيء التي أقمتها منذ نحو أربعمائة وتسعين عاماً لتكون مأوى للخائفين وملاذاً لطالبي الشفاعة والباحثين عن الأمان وداراً لحفظ القرآن ثم من بعد ذلك رمزاً وفخراً لأبناء السودان.
ترقبوا الحلقة الثانية في العدد القادم.

 

من زوايا الذاكرة – أدب الشوارع بقلم د. عمر فضل الله


حدث ذلك وأنا طالب في المرحلة المتوسطة. فحين كنا صغاراً ما كان أهلنا في القديم يتحرجون في إرسالنا للسوق لشراء اللحم والخضار أو للبقالة لشراء الملح أو الزيت والسكر أو كلما احتاجت أمي لشيء ما يلزمها في عملها كل يوم عند صنع الطعام أو عمل القهوة. ورغم أنني كنت أذهب متذمراً من تلك المراسيل في كل مرة لكونها تحرمني اللعب إلا إن كانت وراءها منفعة من أكل ونحوه أو بعض قروش مما يبقى من قيمة المرسال إلا أن هناك مرسالاً خاصاً كنت أنشط له جداً بل وأترقبه كل أسبوع وأفرح حين يأتي رغم أنني لم أكن أنتظر من ورائه عائداً مادياً. هذا المرسال كان هو مرسال القراءة كل يوم جمعة حين يدعوني أخي الأكبر علي أحمد فضل الله وفي يده كتاب أو رواية يتبادلها مع ثلاثي القراءة المشهور في العيلفون في ذلك الزمان: الأديب القاص الراحل أبوبكر خالد مضوي والأستاذ هشام إدريس الخليفة والأستاذ النور أو مصطفى أحمد المكاوي. كنت أنشط لهذا الأمر لأنني كنت أعلم أن فرصتي الوحيدة للمس وحمل تلك الكتب التي لم أكن أحلم باقتنائها أبداً هي حين أحملها من بيتنا إلى بيت الأديب القاص الأستاذ أبي بكر خالد في الحي الأمامي وقد كان رحمه الله يقيم في نفس بيت صهره القاضي عبد الرحيم صباحي. كان أخي يعطيني الكتاب لأذهب به إلى بيت أبي بكر خالد وأعود بكتاب آخر وذلك على طريقة التبادل بينهما وأحياناً أخرج بكتابين لأمر في طريقي على هشام الخليفة لأعطيه أحد الكتابين وآخذ منه آخر إلى بيت أبي بكر وبذلك تتاح لي الفرصة مضاعفة لاختيار أحد الكتابين وتصفحه في الطريق ولو أعجبني فإنني أجلس في ظل أحد البيوت لأقرأ ذلك الكتاب أو تلك الرواية. بهذه الطريقة كنت أقرأ الكثير من قصص وروايات إحسان عبد القدوس المنشورة كتباً أو المضمنة في مجلة روز اليوسف. ولأن القصة تكون طويلة أحياناً فإنني كنت أتصفح الكتاب أو أمر مروراً سريعاً على أحداث القصة فأقرأ سطوراً هنا وسطوراً هناك. ارتبطت روايات وأعمال الأديب إحسان عبد القدوس وكذلك مؤلفات الأديب نجيب محفوظ عندي بمعالم معينة في القرية فلا زلت أذكر أين قرأت رادوبيس أو زقاق المدق (قرأتها بين دكان ود البر وزقاق إدريس الخليفة) واين قرأت السراب أو تصفحت بين القصرين أو قصر الشوق أو السكرية ولا زالت اللص والكلاب تذكرني بكلب العم عبد الكريم الأمين في القرية حين أمر من بيتنا إلى بيت العم عبد الرحيم صباحي على طريق عبد الكريم الأمين. أستطيع أن أقول إنني قرأت السمان والخريف كاملة في الطريق لكنني تصفحت ثرثرة فوق النيل وميرامار وأولاد حارتنا ثم لم أتمكن من قراءتها بعد ذلك كاملة إلا بعد أن أصبحت طالباً في الثانوية العامة. ولهذا فلما أعدت قراءة هذه القصص والروايات ذقت لها طعماً خاصاً لأنها ارتبطت عندي بذاكرة التاريخ القديم في القرية وبالأماكن والطرقات. قرأت تلك الروايات والقصص متلصصاً وخائفاً أن يضبطني أخي الأكبر أو يعثر علَّى أحدهم في الطريق جالساً منهمكاً في القراءة. وأظن أن الأستاذ أبوبكر خالد قد لاحظ أنني أقرأ تلك الكتب أو أتصفحها لأنه كان دقيق الملاحظة وكان واضحاً أن تلك الكتب تصل إليه متربة متسخة وبصمات أصابعي مطبوعة في كل صفحة من صفحاتها لكنه كان ذا أدب جم فتجاهل ذلك ولم يسألني يوماً عن السبب. لست أدري هل يصح أن أطلق عليه أدب الشوارع أم لا لكنني فتحت عيني على قراءة الأدب في الشوارع.

عمر فضل الله

بل إنقاذ السودان أهم من محاسبة الإنقاذ. د. عمر فضل الله رئيساً للوزراء


tariqد. طارق عبد الهادي

هناك لحظات فارقة ومنعطفات خطيرة في حياة الشعوب ما لم تهب هذه الشعوب وتمسك بزمام الأمور بنفسها فستعض أصابع الندم لاحقا ، المنحنى خطير و المرحلة دقيقة و علينا تلمس الخروج الآمن من سطح صفيح الإنقاذ الساخن بدل الوقوع في فوهة البركان.
لا شك أن الإنقاذ أخطأت كثيرا جدا وأهدرت الكثير من الوقت وأضاعت الكثير من فرص التنمية على البلاد والعباد، في هذه لا تنتطح عنزان. في عهدها تردت كل مرافق الخدمة المدنية و لم يقدم الحزب الحاكم للناس ما ينفعهم في معاشهم وحياتهم و اقتصادهم ولم يقدم الحزب للناس رخاء اقتصاديا كما فعل و يفعل حزب العدالة والتنمية في تركيا الذي لم يحوز على ثقة الناس بالخطب والمواعظ والتغني بالمشروع الحضاري بل بالاهتمام بما ينفع الناس في معاشهم ، فشل إسلاميو السودان في النهوض بالزراعة والصناعة في بلد بإمكانات السودان بل قتلت روح المبادرة الفردية لدى السودانيين و تعطلت الصناعات الزراعية والتحويلية ، لذلك أسعار السلع الغذائية مرتفعة عندنا، والشباب عاطلون والنيل ممددا وبئر معطلة وقصر مشيد، و قد خرج النائب الأول السابق السيد علي عثمان طه على الناس بعضمة لسانه قائلا ان قفة الملاح لم تكن في يوم من الأيام موضع اهتمامهم بالحكم! وانه أتوا ليربوا الناس على تحمل الجوع والعطش كما حدث في شعاب بني طالب!، بئس هذا الحكم الذي كنت تسوس به، ذلك الذي لم يكن مقصدك فيه قفة الملاح وإشباع الناس. الم تسمع قول سيدنا عمر (ان لم نوفر لهم، أي للرعية، مأمنهم وحرفتهم ونسد جوعتهم فلماذا نسوسهم).

ما أوصلنا لكل هذا عاملان اثنان لا ثالث لهما ، الفساد الذي استشرى كالسرطان في مرافق الدولة والحصار الخارجي الذي تسببوا هم فيه بسياستهم الخارجية الرعناء مما لا داعي لتكراره مما هو أصبح معلوم بالضرورة لدى السودانيين، بل الحصار نفسه هو ادعى لهم ان كانوا وطنيين ليشاركوا الآخرين شراكة حقيقية من اجل ان يرفع الحصار و تذهب صادراتنا لأوربا ويعود ريع الصادر ويرفع الحظر البنكي الدولي على السودان فما من بنك عالمي إلا و فيه أسهم أمريكية تمنعه من التعامل مع السودان وبرفع الحصار تعود مساعدات الاتحاد الأوربي ونصبح جزءا طبيعيا من هذا العالم بدل البقاء في الهامش ورمي الآخرين بالطوب.

معاداة روسيا وأمريكا منذ طفولة عهدهم الباكر وآخر تخبطهم قبل ان يتوقفوا عن ذلك كان التحرش بإسرائيل عبر تهريب السلاح في معاكسة للرأي العام السوداني الذي يميل لإقامة علاقات معها بالحد المقبول كسائر معظم بلدان العرب والأفارقة وبالحد الذي يجلب لنا احتراما دوليا ويفتح آفاق علاقتنا مع الدول الغربية لأبعد حد ممكن، لماذا نعادي اسرئيل أكثر من العرب هل نكون ملكيين أكثر من الملك. (راجع مقالي بعنوان الوصفة لتجنب الطيران الإسرائيلي، http://www.alrakoba.net/articles-act…w-id-26412.htm )

بفذلكة تاريخية قصيرة لتاريخ الإنقاذ نجد ان خلط الموقف الديني بالسياسي اضر بالممارسة السياسية في الداخل و الخارج فالسياسة نسبية ، هي فن الممكن ، فن المنطقة الوسط او المنطقة الرمادية والدين مطلق وخلط المطلق بالنسبي يفسدهما معا ، والتوجه الإسلامي الصارخ كانت نتيجته الدخول في حرب مع الغرب ومع الكنيسة والسودان لا قبل له بذلك ، والغرب نفسه عدة مستويات لماذا نعاديه أصلا؟ ، هناك غرب القيم والتكنولوجيا، وهذا علينا ان نتعلم منه كما تعلم منا فقد اخذوا هم من الحضارة الإسلامية التي بدورها كانت أخذت من اليونانية والإغريقية فالمسالة تبادلية ، وهناك غرب المجتمعات المدنية وهذا غربٌ حليف لنا وصديق، وهناك غرب ملايين السياح ذوي الحس الإنساني الرفيع ترونهم بين ظهرانيكم في بلادنا في البجراوية وغيرها ، إذن من الغباء وضع كل هؤلاء في السلة ذاتها مع غرب الأنظمة.

إحقاقا للحق أهل الإنقاذ لديهم انجازات ولكن تقل و تقصر قيمتها النوعية مع طول مدة بقاءهم في الحكم 27 سنة مقارنة مع مشاريع فترة عبود ست سنوات، لديهم اختراق في التعليم العالي فقد وسعوا مواعينه وان كانت الناس دفعت من حر مالها بالخاص وأقاموا جسور وطرقا كان يمكن ان تكون أفضل من طرق الموت هذه (راجع مقالي عن الحل الوحيد لطرق الموت السريع هذه.

في المحصلة النهائية نقول أن حزب المؤتمر الوطني ليس مثاليا لشعب عظيم كالشعب السوداني وليس قويا ، هو قوي لان معارضيه هم هؤلاء! الذين ترونهم! في الساحة، هو قوي بضعف هذه المعارضة الهزيلة وليس هناك من يلتقط الحبل على الأقل حتى الآن0

السؤال هو ما المخرج اليوم بعد حراك الأطباء السلمي وبعد لقاء الرئيس البشير التلفزيوني الذي خرج اقل من المتوقع بكثير؟
هناك حلان لا ثالث لهما، أولهما هو فن الممكن الذي يمكن عمله شراكة من الطرفين معا مؤسسة الرئاسة من جهة والمعارضة من جهة أخرى ورمزها السيد الصادق المهدي صاحب الأكثرية بآخر برلمان منتخب، والخيار الثاني هو فن الممكن الذي تقوم به مؤسسة الرئاسة منفردة كفترة انتقالية.

الحل الأول هو ان تقدم المعارضة السبت لتحصد الأحد، اي ان تبادر المعارضة للرئاسة وتتعهد بتسوية قضية الجنائية الدولية في الإطار السوداني السوداني لدفع الرئيس ليمضي قدما في انفتاحه على عملية الإصلاح، على المعارضة ان تقدم السبت بل والأحد ان كان ثمن ذلك إخراج الرئيس من براثن حزب المؤتمر الوطني العتيق، فالكرة اليوم هي في ملعب المعارضة و الحبل ملقي فمن يتقدم ويلتقط الفرصة التاريخية السانحة والشراكة بين مؤسسة الرئاسة والمعارضة هي الخيار الاوفق للسودان للنهوض سيكون البشير حينها حليف للمعارضة ان كانت الناس تفهم في السياسة حقا! ، حيث لا تنتظر في السياسة ان تحصل على كل شيء، في السياسة الذي يلتقي معك على 40% هو شريك والذي يلتقي معك على 60% أو أكثر هو حليف.
يقول توماس فريدمان في كتاباته عن نهايات ومصارع الطغاة في الشرق الأوسط ، يأتوه (للدكتاتور) للمصالحة والتنازل قليلا فيقول أنا قوي لماذا أتنازل حتى يفوت الأوان و تأتي للمعارضة الضعيفة ان تقبل بحل وسط يقولون نحن ضعفاء لن نقبل بالتفاوض الآن!

لقد تأخرت المعارضة كثيرا فمنذ خطاب الوثبة الشهير بمطلع 2014م لم تقم المعارضة بخطوات جدية وظلت تراوح مكانها لغياب الخيال ولغياب فراسة انتهاز الفرص وظلت تطالب بتسليم السلطة كاملة!، هو غياب الثقة وبدون الاتفاق على تسوية سودانية سودانية فلا احد سيسلمك رقبته او يعطيك حبلا لتشنقه

على قوى المعارضة الرئيسية بالبلاد ان تعلن إدانتها الصريحة للعنف والعمل المسلح كوسيلة للتغيير، من لم يقل صراحة انه ضد العنف للتغيير سيخسر في هذه المرحلة ، نعم إن المرحلة القادمة هي مرحلة تصنيف وغربلة القوى السياسية الناضجة من المراهقة ونبذ وإدانة العنف المسلح كوسيلة للتغيير هو الذي يجعل المعارضة تكبر في نظر الشعب والعكس صحيح الذي يحمل السلاح ويمارس العنف إن أيدته وأوصلته للسلطة بمجرد أن يصل للسلطة سوف يقصيك!، فالمزاج الشعبي الآن إن كنا نستنطقه هو أن (من الأفضل الاحتفاظ بالسيئ المتاح الآن إذ أن من سيأتي أسوا و أشوم).
لقد فشل خيار الانتفاضة ببساطة لأن هناك جهويات تحمل السلاح ففي أكتوبر وابريل لم تكن الجهويات تحمل السلاح فالإخوة في دارفور وجبال النوبة مدخلهم للنضال خاطئ وثبت ان حمل السلاح يقوي النظم العسكرية ولا يزيحها.

اذا أردنا ان ننفذ هذا السودان على الجميع الترفع عن شعار المحاسبة عن كل الفترة الماضية منذ الاستقلال و حتى فترة الإنقاذ ان كان ثمن ذلك هو حكومة قومية تجبر الكسر وتعوض من يستحق التعويض العادل ممن فقدوا أرواحهم او وظائفهم ويكون التعويض بحسب إمكانات الدولة ودعم المانحين وإمكانات الشعب السوداني نفسه للنفير ان دبت فيه روح وطنية جديدة و سترون انه كيف سيهب للنخوة والعزم ان شعر بالثقة وبالصدق وان هناك فرصة جدية للسلام والنهوض من كبوتنا، سيهب الشعب للدعم والتبرع من الداخل ومن قارات العالم الخمس .

إذن علينا إبداع حل نابع من التسامح السوداني ومن الحكمة ان تعلن القوى السياسية إنها ليست اقصائية وستسمح للمؤتمر الوطني نفسه بالمشاركة في المرحلة اللاحقة اذ من شأن هذا أن يحد من العرقلة النابعة من داخل المؤتمر الوطني نفسه فتيار من بقي من الإصلاحيين داخله سيميل للاستجابة للتغير الديمقراطي على أمل أن يتمكن في الفترة الانتقالية وبعدها في الفترة الديمقراطية من إجراء جراحاته وإصلاحاته على الحزب الشيء الذي عجزوا عنه تماما والحزب في قمة السلطة منفردا،
من الجيد بل ومن المفيد للسودانيين ان يروا حجم حزب المؤتمر الوطني بعد ان تزول أشرعة السلطة عنه وبعد الفترة الانتقالية تركه لينافس عبر صناديق الاقتراع حينها سيتولى أمر عقابهم الشعب السوداني بإبعادهم ديمقراطيا. نريد ان ننهي دورة العنف ألاجتثاثي من حياتنا السياسية مرة واحدة والى الأبد.

علينا ان نعلي من قدر القضاء الوطني بديلا عن لاهاي فالذين قتلوا في الحرب في دارفور هي كانت حرب بين جيشين كل منهم مسلح بالاربجي والدوشكا والجيم ثري والحركات المسلحة لم يكونوا ينثروا الورود والزهور بل كانوا يقتلون عناصر الجيش و الشرطة ولديهم تجاوزاتهم في المدنيين أيضا لذلك ينبغي أن تحصر تجاوزات الطرفين في المدنيين للتعويض العادل. هذا هو فن الممكن اليوم و الرد لمن هو قائل والدماء التي سفكت في دارفور هو ان هذه الحركات لم تكن تلقي الزهور والرياحين على أهل السودان لقد قتلت من الشرطة والجيش وبعضها تفلت وكسرت البنوك ودمرت أبراج الاتصالات والكهرباء ومن الذي لم يخطئ في الفترة السابقة؟

ان تسليم الرئيس البشير للجنائية لن يفيد أهل دارفور ولن يفيد السودان بل تعويض من قتل من كل الأطراف تعويضا عادلا وإدماج كل الأقاليم بما فيها دارفور في الدورة الاقتصادية لحين إجراء انتخابات تحدد الأوزان للجميع. إذن الحركات المسلحة عليها ان تجنح الى السلام و قد فعل كثيرون منهم ذلك، فالعنف لن يقود إلى نتيجة والتحرش بالقوات المسلحة بأطراف البلاد لتحقيق هدف سياسي هذا عمل لا يخلق شعبية ولا يسقط حكما وهو عمل عبثي وإزهاق لأنفس كريمة من الطرفين و غير جائز شرعا وغير موفق سياسيا ومضر وطنيا إذ واجب القوات المسلحة هو الحفاظ على ما تبقى من هذا السودان بعد ذهاب الجنوب لحاله ومن يتحرش بها ومن بدا سيتحمل نتيجة فعله ، أما الدعوة للتغير سلما وتجمع القوى المحبة للخير لهذه البلاد والقوى المحبة للازدهار والديمقراطية والتسامح والاعتدال والتصالح فهي الدعوة حق مشروع ومن يقف في طريقها لن تكون له الغلبة.

هذا هو الحل العقلاني الشامل وإذا لم تسمو المعارضة ولم ترتقي الى اللحظة الحرجة التي نحن فيها فلا بد من سيناريو الحل الثاني والذي تقوم به مؤسسة الرئاسة منفردة.

في الحل الثاني ستكون الكرة في ملعب الرئاسة ومؤسسة الرئاسة بل هذه بالضبط هي أيام الرئيس!، حيث الرئيس البشير ونائبيه بيدهم الجيش والأمن ويمكن ان يتكئ عليهما فقط للإصلاح وعليه ان يرشح شخصية وطنية وقومية لمنصب رئيس للوزراء بعد استحداث المنصب وأمامه كثيرون في الداخل و الخارج من أهل الكفاءات من التكنوقراط، ان أراد شخصية من الداخل عليه بالإداري و التنفيذي الطوربيد والنموذج الناجح أسامة داود عبد اللطيف وان يمنح كامل الصلاحيات للإصلاح وان أراد من كفاءات الخارج فعليه بالدكتور عمر فضل الله الخبير الاستراتيجي و ألأكاديمي البارز المقيم بدولة الإمارات العربية وهو شخصية وطنية تجمع بين صفات الكاتب والمفكر والباحث والمؤرخ، ويشغل د. عمر فضل الله حاليا مدير مشاريع تقنية المعلومات و مشاريع الحكومة الالكترونية بابوظبي.

على الناس الصبر على حكومة تكنوقراط وستكون هذه فرصة عظيمة للبلاد ولاستعادة عافية الخدمة المدنية وتكون هذه بداية مرحلة رشد سياسي للجميع فمن الذي لم يخطئ في الفترة السابقة؟

الشعب السوداني سيقبل بحكومة التكنوقراط ككبري نحو الديمقراطية، فهو شعب قد نضج وجرب كل شيء واستوي عوده وليس بحاجة إلا إلى القدوة الحسنة وبلغ من نضجه ان الفكرة عند المفكر يمكن ان يدلك عليها صبي الدكان وسائق التاكسي وسيكون الشعب منتجا و جبارا ، ستقوم حكومة التكنوقراط باستخدام الطاقة الشمسية وستنتج كهرباء إضافية فورية بإقامة محطات حرارية بالنفط الرخيص عالميا الآن لتمتد أعمدة الكهرباء في الفيافي والوديان خضرة وزرعا وضرعا وقمحا ووعدا ، و سنلحق بالآخرين في وقت قياسي اذ التكنولوجيا للتنمية نفسها حدثت فيها طفرات هائلة بالسنوات الاخيرة ومن حسن اهل السودان انهم سيستخدمون آخر واحدث طرق الإنتاج الزراعي والحيواني حيث الإنتاج السريع والوفير وبعد ان يعم الرخاء ستنتهي الحروب دون رجعة و أمامنا تجربة البرازيل من الفقر الى الحكم الرشيد والى الوفرة والغنى و ماليزيا للتجانس وصهر الوطنية بعيدا عن هذا التشرذم الحالي. إنها الفرصة ستكون قد أتت في بلد واعد بإمكانات السودان، وانه ليس حلما، مثل حلم د كنج، ان تم هذا السيناريو وهو ليس صعبا ولا مستحيلا، في غضون عامين او ثلاث فقط ستسير البلاد على الطريق الصحيح حتى موعد الانتخابات لتحديد الأوزان بعدها من يختاره الناس سينطلق بالتنمية بذات المسار المتين الذي وضع وبدون خطب وضجيج فالناس شعارها التنمية والرفاهية في المرحلة القادمة و ستختار على هذا الأساس ومن تختاره في انتخابات ديمقراطية لاحقة سيواصل عملية النهوض بالبلاد و ستكون معه معارضة راشدة في إطار ديمقراطية راشدة ومستقرة تنتظر الانتخابات القادمة هذه المرة لتكسب بعد ان وعى وتعلم الجميع دروس القدوم من وادي سيدنا، من أقصى اليمين الى اليسار فقد جربنا كل شيء وآن أوان الحكم الرشيد للخروج من النفق لمن يحكم هذا البلد السودان ذي الإمكانيات الهائلة المعطلة لسوء الاختيار و تنكب الطريق ، يمكن لرئيس الوزراء من التكنوقراط ان يواصل مساره السياسي بعد ان يسلم منصبه بنهاية الفترة الانتقالية وان يؤسس لحزب خدمي تنموي وهذا الحزب سيلهم الشباب بالأمل وسيكون إضافة حقيقة وضمانة للديمقراطية المستدامة واحترام الدستور و تشكيل حزب شعاره تنموي بحت سيثري الحياة السياسية بعقد ندواته ويعرف ببرنامجه ويطوف ببرنامجه أنحاء البلاد وفي أي انتخابات بعدها وبما يناله من نصيبه الشرعي في السلطة سيحدث حراكا وأفكارا وسينطلق ويرسخ أقدامه في الساحة ويوجه فكر الناس للتنمية عبر الإعلام التنموي فالناس شعارها التنمية والرفاهية في المرحلة القادمة و ستختار على هذا الأساس.
والله من وراء القصد

tarigelsheikh@hotmail.com