متعة القراءة وأفضل الروايات مع عمر فضل الله


كتاب الأستاذ صلاح عمر الشيخ:
طالت (الحبسة). الالتزام ضروري وصعب جداً. كان لابد من الاستفادة من الوقت والعودة للقراءة التي لم تعد كما كانت قبل انتشار الانترنت الذى سهل علينا كثيراً وتدفقت المعلومات بسهولة ويسر. العالم كله أصبح أمامنا عبر جهاز صغير، لو قيل لنا فى السبعينات إن ذلك سيحدث لاعتبرناه خيالاً علمياً غير ممكن.

متعة القراءة أصبحت ممكنة في أي وقت، إلا أن متعة البحث عن كتاب في معارض الكتب والمكتبات لم تعد جاذبة.والبقاء فى البيت أتاح لنا العودة للقراءة،

أفضل الروايات:
========
خلال هذه الفترة التي تجاوزت الشهرين قرأت العديد من الروايات لكتاب نعشقهم ولا نمل إعادة قراءتها: الطيب صالح، غابريل غاريسا ماركيز.

توقفت عند سلاطين باشا والسيف والنار واكتشفت كتاب جدد: عبد العزيز بركة ساكن فى امرأة من كمبو كديس، وحجي جابر الكاتب الارتري فى سمراويت.

أما صديقي الدكتور عمر فضل الله ذلك الروائى الرائع القادم بقوة والحاصل على جوائز قيمة جائزة الطيب صالح و كتارا عن راويته أنفاس صليحة وتشريقة المغربى، فقد قرأت كل ما أنتج وهى: ترجمان الملك، وتشريقة المغربي، وأنفاس صليحة، ونيلوفوبيا، ورؤيا عائشة، وفى انتظار القطار، وأطياف الكون الاخر.

دكتور عمر فضل الله كاتب بارع يمكن أن يكون امتدادا وخليفة الطيب صالح لأسلوبه السلس وعباراته الرشيقة. يتميز فى سرده الروائي الممتع باستدعائه للتاريخ، فهو كما نقول بالعامية (حكاي) يجذبك كما الحبوبات زمان لحكاياته والتى يحول فيها الأحداث التاريخية إلى رواية ممتعة وشخصيات حية تعيش معها الحكاية والأحداث لحظة بلحظة ولن تترك الكتاب إلا حينما تنتهى الحكاية.

أهم ما يلفت النظر لروايته هو تعريف القارئ العربي بالتاريخ السوداني خاصة الممالك السودانية الاسلامية سنار والعبدلاب وعلوة المسيحية ومعالجة الأحداث من وجهة نظر سودانية. وفى رؤيا عائشة أحداث المهدية. وكما أشرت المعالجة والسرد يعالج أخطاء فى الروايات المكتوبة من أجانب في التاريخ السوداني مثل السيف والنار وحرب النهر.

أما روايته أطياف الكون الآخر فهي محاولة جريئة لدخول عالم الجن وتقريب الصورة من الخيال والأساطير إلى قصص القرآن وحقيقة هذا العالم الآخر. وأما نيلوفوبيا فهي سرد لمأساة غرق الباخرة النيلية العاشر من رمضان في مصر بذات الاسلوب الشيق فى السرد والحكاية.

هذه انطباعات سريعة عن روايات الدكتور عمر فضل غزير الإنتاج الذي حبب لنا جزءاً من تاريخنا وأعاد كتابته بشكلٍ روائي ليصحح أخطاء تاريخية انتشرت خاصة عند القاريء العربي.

صلاح عمر الشيخ.

رؤية عن رواية “تشريقة المغربي” للكاتب عمر فضل الله.. بقلم : هبة السيهت


1- الرواية ممتعة ، والسرد سلس ، والتشويق كان تلقائي دون افتعال او استدعاء من الكاتب . والانتقال بين الشخصيات سار بشكل متسق لم نشعر فيه بانقطاع .

2- يتحكم الكاتب بمهاره كبيرة في ضبط الوضع الخاص للعدسات التي نراقب عالم القصة من خلالها .فيوجهنا الي مجلس الملك ، ويصف لنا عظمة هذا المجلس ، ثم يعرفنا بنفسه بطريقه لطيفه – جالسا يمين الملك ككاتب حججه.

فيبني علاقة حميميه سريعة ، ويزيد التعاطف الوجداني بين القارئ والشخصية الرئيسية .

3- يرفع مستوي التشويق في بداية الرواية بحكاية اعتقاله واصفا حالة خوفه ورعبه ثم يحكي قصة رحلته الي السلطان وتفاصيلها مع القائد (شاور)

الخطوط البنائية في الرواية

———————–

4- الخط الرئيسي في القصة هو حياة (عبدالسميع المغربي ) وهي شخصية من اختراع الكاتب ، ومن خلال قصة حياته يستعرض الكاتب مادته التاريخية .

– ومن هذا الخط تتفرع خطوط اخري كبيرة وصغيرة :

فيتولي عبد السميع وهو الشخصية المحورية تعريفنا بمجلس السلطان ونظم التعامل فيه ودرجات الناس قربا وبعدا من السلطان ، ويسأل شاور ليجيبه ، ويسأل ادريس ود محمد ليجيبه ، ويسأل الشيخ السمرقندي ليجيبه ، فتتجمع من هذه الاجابات المادة التاريخية التفصيلية .

– شخصية ( زوجته صليحه) : احتفظ لها بالعاطفة والحنان ، والموئل ، والملاذ ، والاحلام ، وليس لها كبير دور اللهم الا في مجلس النساء التي استمعت فيه لاخبار النساء وعادتهن في الولادة والتوليد . فدورها كقناة توصيل للمادة التاريخية كان محدودا .

– هناك خط ثانوي : هو خط ( شاور) وقدم بعض المادة التاريخية في اول القصة

– خ

شاور مع الطريفي مع زوجة السلطان ، ومحنة كتابة الحجج . وهو خط درامي ولم يكن قناة للتوصيل

– خط ثانوي: هو خط (الاميره بياكي وابنها ) ومحنة قتله . ومبدأ قتل السلطان الجديد لاخوته ذكر سابقا ، فلم يكن هدف هذه الحادثة الا معايشتنا لمعاناة عبدالسميع لموت امه وابيه وتصوير بشاعة هذا الحدث ومدي تأثره نفسيا به . ليجهزنا لاستقبال حياة الام والاب في نهاية القصة .

– خط ثانوي اخر: هو الحوار بين عبد السميع وداود روبيني اليهودي من اسئلة لداود يجيب عنها عبد السميع، (وروبين هذا بالفعل رحاله وله كتاب يعد احد مراجع هذه الفتره) .

5- اول ما يلفت انتباهنا اختيار الكاتب لرواي القصة والشخصية المحورية فيها ، وهو (عبدالسميع المغربي ) ، وهذا الاختيار يشير الي :

-ان الراوي غريب عن المجتمع الذي يقوم باستعراض موضوعه التاريخي لنا ، بل هو يصرح بذلك ولا يخفيه فهو ينظر اليه من الخارج (كسائح) ، وينقل ما سمعه او اطلع عليه، او حُكي له ، فاقتربت الرواية من ادب الرحلات ، كابن بطوطه مثلا حيث يحكي ما يشاهده كسائح .

6- الشخصيات الثانوية في القصة كلها سُخرت كقنوات لنقل التاريخ .حتي مجالس النساء حملت من المعلومات التي يريد الكاتب ان يعرفنا عليها ويبثها لنا .

ومن هنا فان الجرعة التاريخية المباشرة كانت احيانا اكثر من اللازم ، وتضاءل اشتراكهم في البنية القصصية.

7- علي الصعيد اللغوي :

” قالوا ان ان اطفال كثيرين ماتوا جراء ذلك بعد ما لمسوا جثث رصفائهم الموتي ” ص9

– كلمة (رصفائهم )، كانت فاقدة للدلالة ،وان لوحظ انها مستخدمه في الفضاء الادبي السوداني .

– لن تمل من النظر حولك عند الصباحات ..) ص 79

– كلمة (الصباحات ) ، قلقه معجميا ، فالجمع المعجمي (اصباح)

علي صعيد المادة التاريخية :

8- قصة المباهلة بين تلميذ الشيخ (ادريس ود محمد) ، والشيخ (علي الاجهوري) ، مضطربه للغاية ، ولا تتسق مع ما ورد في (طبقات ود ضيف الله) وهو اقدم المراجع في الموضوع ، والمذكور اقرب للروايات المتداولة شفهيا ، وبالتالي فهي لا تثبت تاريخيا بالشكل الذي ذكر في الرواية . فكانت تستحق المزيد من التدقيق ، وهي علي كل حال مقحمه علي النص فلم تضف لبنيته شيئا .

– ول(علي الاجهوري) ترجمه حافلة في (خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر) (لابن محب الحموي) ، لم يذكر فيها هذه القصة ، فلتراجع

9 – يبدو ان الفترة التي حكم فيها الفونج كانت فترة انتشار الاسلام وتمكنه وهو ما يكاد يكون مغايرا لما نلمحه في وصف الكاتب للمجتمع في تلك الفتره (انظر كلامه في فصل (سناريات ) عن انتشار الزندقه ، وعن الفقرا وانهم في اكثرهم يعملون بالسحر ، ثم قلة الكتب والمخطوطات لدرجة الندرة ).

– حيث يقول الباحث (تاج السر عثمان ) ” تفاعلت تعاليم الإسلام مع الموروث المحلى ، وكانت الحصيلة الإسلام السوداني المتميز الذي اتسم بالتسامح وتنوع الطرق الصوفية والدينية ، ووحدة الفقه والتصوف ، وتعدد الذاهب ( المذهب المالكي والشافعي ) ، وظهور التنظيم الصوفي الاجتماعي كشكل أرقى واوسع من التنظيم القبلي ، واصبحت الطريقة الصوفية تضم أشخاصا من قبائل مختلفة مما اسهم في خلق رابطة أوسع من رابطة القبيلة وبالتالي شكل ذلك البذور الأولى للشعور القومي “.

– ويذكر الباحثون انتشار مؤلفات السيوطي والشعراني ايام الفونج انتشارا كبيرا .

10- ونأتي الي نهاية الرواية :

نهاية الرواية والتي احيا فيها الكاتب الابوين بعد موتهما المؤكد ، كان يمكن ان تكون نهاية مسطحه ومبتذله ، لكن الكاتب استطاع بمهاره فائقه ، ان يجهز لها من اول الرواية ، بالاسر المتجمعة في بيت واحد ، ثم رفع اسانا وتعاطفنا للذروة مع هذا اليتيم في فصل (الاميرة بياكي ) وهو الفصل قبل الاخير ، ثم الهانا قليلا بقصة الامير الذي رفض الهرب للعوده لامه ، واوهمنا ان قصة الامير هي اساس الموضوع وان قصة طفولته ويتمه قصة ثانوية ، والامر كان علي العكس من ذلك تماما .

، بحيث انه لما زف الينا خبر حياة الوالدين قَبِلها القارئ بل ارادها في اعماق نفسه ، اذ كان قد تم تجهيزه لها تماما ، فقد وجه الكاتب قارئه ، وتلاعب بمشاعره ، ووضعه حيث اراده تماما ، لقبول احياء الوالدين ، وهي براعة كبيرة من الكاتب .

رؤية عن رواية “تشريقة المغربي” للكاتب عمر فضل الله.. بقلم : هبة السيهت

ملتقى السرد و”غادة صلاح” يحتفيان بـ”تشريقة المغربي” لعمر فضل الله


أقيمت ضمن مبادرة سلسلة الجوائز بملتقى السرد العربي، برئاسة الدكتور حسام عقل بالتعاون مع صالون غادة صلاح الدين، ندوة لمناقشة رواية “تشريقة المغربي” للروائي السوداني الدكتور عمر فضل الله، والتي حصلت على جائزة الطيب صالح العالمية.

استهلت المناقشة الكاتبة غادة صلاح الدين بحوار أجرته مع الكاتب عمر فضل الله ، وضح فيه سيرته الذاتية والأدبية بوطنه الأم السودان والمؤهلات التي حصل عليها ما بين السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، كما حصل على دكتوراه في تقنية المعلومات من لوس أنجلوس في العام 1987، مؤكدا أن ما يكتبه يتماشى مع الواقع من خلال تدعيمه للرواية المعرفية عبر كتابته للشعر التي دعمت كتابته للرواية، مضيفًا أن من ينجح في كتابة الشعر يستطيع أن يكتب الرواية بملكة قوية.

استهل الدكتور عبد الرحيم درويش وكيل كلية الإعلام ببني سويف مداخلته النقدية مؤكدا عملقة عمر فضل الله في الرواية، فكل رواية عبارة عن جزيرة لو تم جمعها سنُكَوِن مجموعة من الجزر الثرية وهي عبارة عن أدب فضل الله الغزير والعميق في رؤياه.

وأضاف “درويش” أن “فضل الله” كاتب عروبي وإسلامي بنزعة الصوفية وهي منبت تأسيسه كإنسان ومبدع ، تشعر في كلماته فيوضات نورانية وسبوحية تعطي لنا العمق في التفكير تجاه مختلف القضايا الإنسانية.

فيما أكد الدكتور حسام عقل أن “فضل الله” قدم صورة جديدة للقص والحكي السوداني بشكل مميز في “تشريقة المغربي” وهي نزعة جذرية تتمثل بالتلاعب الصوتي للكلمات من خلال رحلة البطل من المغرب إلى السودان وهي رواية تندرج تحت أدب الرحلة.

وأضاف “عقل” أن أسلوب “فضل الله” ساخر يجعلك تضحك وتفكر ثم تبكي مع ترسيخ الفضاء الشمولي وتأكيد النزعة الصوفية التي تشعرك بالمكابدات، وهو هنا قريب من أسلوب الكاتبة التركية ألف شفق صاحبة التحفة الإبداعية “قواعد العشق الأربعون”.

رابط الخبر:
http://jedariiat.net/news/1986?fbclid=IwAR33u2Qg-cw2G6sxQJpVfCAg4IPjjzTAUdTTbkxEXHzn2OWacC5s31E0l-0

رواية تشريقة المغربي للدكتور عمر فضل الله – بقلم أبي سهل طه الطيب


رواية “تشريقة المغربي” للدكتور عمر فضل الله:
=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=
في حقيقة الأمر: لم أكن من عشاق الراويات، ولا من محبي قراءتها. وإن كنتُ قد قرأت طرفاً منها في طفولتي الحالمة، وعشت مع قصصها، وتنقلت بين حكاياتها.
ودائماً أجد نفسي ميالاً للطرح العلمي والأدبي المباشر، دون الحاجة لتعرجات الروايات، ولا فزلكات الأقاصيص. ولكلٍّ وجهةٌ هو مُوَلِّيها.
📚 وحينما انتابتني فكرة قراءة الأعمال الأدبية الروائية فكرت في الاطلاع على روايات الروائي الباحث الموسوعي (الدكتور عمر فضل الله).
وعندما زرتُ #معرضالخرطومالدولي_الكتاب_2019 وفقني الله- تعالى-لاقتناء أربع روايات من تصنيف ذلك الباحث الهمام؛ ألا وهي:
❶- “أنفاس صُلَيْحة”.
➋- “أطياف الكون الآخر”.
➌- “ترجمان الملك”.
➍- “تشريقة المغربي”.
وقد كنت متشوقاً للنظر في هذه الروايات، ومتعطشاً لقراءتها. وفي واقع الأمر توجد بعض الأعمال العلمية التي تشغلني عن القراءة الحرة هذه الأيام.
🕑 ولكن حينما كنت في الخرطوم أيام معرض الكتاب، وأنا أحمل هذه الدرر الثمينة والغنائم المتينة؛ وجدتً وقتاً بعيداً عن مكتبتي المتواضعة وحاسوبي البسيط. فاقتنصت تلك السانحة، واستغللت هاتيك الفرصة؛ فهرعت إلى تلك الروايات. فكرستُ وقت فراغي للقراءة في رواية من روايات الدكتور عمر فضل الله.
📙 بعض الإخوان نصحني أن أبدأ برواية “أنفاس صُلَيْحَة” الحائزة على (جائزة كتارا للرواية العربية)، ولكن وجدت نفسي منقادة، وهمتي متجهة نحو رواية “تشريقة المغربي” الفائزة بـ(جائزة الطيب صالح للإبداع الكتابي).
📘 فأمسكت بـ”التشريقة”، وأنا في شوقٍ كبير لقراءتها. وحينما بدأت قراءة تلك الرواية شَرِقْتُ بها، فجذبني سحر كلماتها، واجتالتني روعة قصتها، واستولى على حماطة قلبي جمال سردها. ففنيتُ وذُبتُ في لججها العميقة، وتُهْتُ في دهاليزها، واختفيت في سراديبها؛ حتى نسيت نفسي، وأنا اقرأ في تلك الرواية.
🔰 إذا كان أهل التاريخ في الزمان السالف يتحدثون عن (تغريبة المشارقة)، وأشهرها تغريبة بني هلال، وبني سليم، وبني المعقل، ونحوهم من قبائل قيس عيلان وقُضَاعَة؛ فإن هذه الرواية تغوص في الأغوار، وتسبح عكس التيار؛ لتتحدث عن (تشريقة المغربي)!.
وفي الوقت الذي ظهرت فيه تلك الرواية “مُشَرِّقَةً”؛ فإذا بها تبحر بي أنا في الاتجاه المعاكس “مغربةً”!.
🌓 نحن في بلاد السودان محسوبون على المشارقة، ولكننا في حقيقة الأمر بَيْنَ بَيْن؛ فلسنا بمشرقيين خُلَّص، ولا مغربيين خُلَّص!.
📌 فموقعنا الجغرافي وسط بين المشرق والمغرب، وثقافتنا خليط بين المشرق والمغرب. وقد أخذنا من ثقافة المغاربة ما لم يأخذه مشرقي قط. هذا مع احتفاظنا بقدر كبير من الثقافة المشرقية، وتحفظنا على بعض ثقافاتها.
✸ فمن الروايات القرآنية الحاضرة في بلادنا: روايتي (ورش عن نافع)، و(قالون عن نافع). وهي من الروايات المشهورة في المغرب العربي. ولا تكاد تجد لها أثراً في بلاد المشرق إلا في إطارٍ ضيقٍ محدود.
✸ ومدرستنا في الفقه المالكي هي خليط بين فقه المشارقة والمغاربة. فكما أخذنا من “الصِّفْتِي” و”العشماوي” المشرقيين؛ أخذنا كذلك من “الأخضري” المغربي، وغيره.
✸ وأوزان أهلنا البقارة العروضية في أشعارهم، ومقاماتهم النغمية في أهازيجهم هي في الحقيقة أوزان أندلسية حافظوا عليها منذ أن قدموا من الأندلس. حتى أن البنات الصغار في الليالي المقمرة يسمرن، وينشدن أشعاراً على الأوزان والألحان الأندلسية!.
✸ وما زالت المرأة عندنا تلبس الثياب البيضاء علامة على الحداد، كما هو الحال في بلاد المغرب والأندلس. وهذا بخلاف جميع نساء المشارقة اللائي يلبسن الثياب السوداء علامة الحزن والحداد عندهن!.
✸ وعلى المستوى الإثني والعرقي توجد قبائل عديدة من البربر في السودان كالهوارة وغيرها. وفي النوبة الشمالية نجد الثقافة البربرية= الأمازيغية حاضرة بقوة؛ حتى أن أهل مصر كانوا ومازالوا يطلقون عليهم لفظ (البرابرة)، بل يطلقونها على كل سوداني!. هذا غير القبائل العربية المغربية كـ(قبيلة المغاربة)، و(المشايخة الشرفديناب)، وغيرها من القبائل الأخرى.
 كانت الفرصة مواتية في الزمان السالف لتشريقة المغاربة؛ فطريق أهل المغرب إلى بيت الله الحرام كان من جهة بلاد السودان؛ حيث يقطعون تلك الصحراء عبر الْجِمال وبقية الدواب إلى مدينة سواكن الساحلية، ثم يعبرون البحر إلى الحجاز. هذا بالطبع كان قبل ظهور ثورة الطيران ووسائل النقل الحديثة.
🗒 أعود فأقول: إن الرواية تتحدث عن قصة رجل مغربي من أصول أندلسية يسمى (عبد السميع بن عبد الحميد المغربي) جاء إلى السودان قافلاً من طريق الحج. وعمل في وظيفة (كاتب حجج السلطان). وهذا السلطان هو سلطان مملكة الفونج.
فبَيْنَا أنا أمخر عباب تلك الرواية المتلاطم؛ فإذا بأمواجها العاتية تقذف بي في جزيرة غناء ساحرة؛ جميلة المنظر، تغني عصافيرها على دوحها وارفة الظلال، باسقة الأفنان، وتسيل المياه من وديانها الصاخبة، وتنبع من عيونها الدافئة.
هذه الجزيرة هي (مملكة الفونج)؛ حيث أصبحتُ أهيم في رياضها، فأتنقل بين قصص عبد السميع، وحكايات صُلَيْحة، وأنساب السمرقندي، وإصلاحات أدريس ود الأرباب، ووو… الخ.
🔗 فالكاتب في هذه الرواية استخدم (أسلوب المزج والمزواجة):
 فمزج بين الخيال والواقع، وزاوج بين أسلوب الرواية والسرد التاريخي؛ فأنتج خليطاً متجانساً، جميل الطعم، سهل الهضم.
 ويستخدم الكاتب المزاوجة أيضاً في اللغة التي يكتب بها الرواية؛ فيأخذك العجب حينما تجده يستخدم نفس مصطلحات الفونج والعبدلاب القديمة التي كانوا يستعملونها في زمانهم، ويزاوج بينها وبين العامية المعاصرة، مع وجود اللغة الفصيحة، فيصيغ الكلام في لغة ثلاثية سلسلة، جميلة معبرة.
🗞 حينما تقرأ تلك الرواية تخرج بمعلومات تاريخية دقيقة لا تجدها في كتابٍ واحد. فهي معلومات اجتمعت في مكانٍ واحد، ولا تدرك إلا بالغوص في أعماق الكتب والبحث في لجج المجلدات المطولة.
🖍 إن هذا القلم عجيب، كيف لا وهو قلم رجل تضلع من أحداث التاريخ الذي يكتب فيه؛ حتى امتزجت بلحمه وعظمه؛ فصار يكتب التاريخ في شكل قصص، ويصيغ الأخبار في هيئة حكايات، وينثر أحداث الماضي في صورة حوارات.
 الدكتور عمر فضل الله روائي عظيم، صاحب قلمٍ فذ ويراعٍ سيال؛ يجبرك على قراءة رواياته، وهي روايات جميلة هادفة؛ تأخذ بلب القاريء، حتى يسبح في حياضها، ويمرح في رياضها.
فتجد في تضاعيف كلامه وثنايا حديثه: القصة، والتاريخ، والفلكلور، والأدب الشعبي، والمفردات العامية القديمة، ومصطلحات السلطنات السالفة.
📖 لقد عقدت العزم على أن أقرأ كل روايات الدكتور عمر فضل الله؛ رغبةً في الاستفادة التاريخية منها، ولكي أستمتع بقصصها الجذابة، وحكاياتها المشوقة.
❍ والآن أحط رحالي عند هذه المحطة، وأترجل لأمسك بالقلم؛ فإن الكلام عن هذه الرواية لا ينقضي، والحديث عنها لا ينتهي؛ فهي معين لا ينضب، وعينٌ لا تنقطع، وبحر لا يجف

تقديم لرواية “تشريقة المغربي” للكاتب عمر فضل الله – الفائزة في الدورة الثامنة


الروائي عمر فضل الله ظل في مسيرته الروائية وفياً لقراءته للتاريخ، وإذا كانت مكتبة السرد العربية حافلة بقصص التغريبة (تغريبة بني هلال) فإن عمر اهتم بتشريقة المغربي، ورحلات وهجرات المغاربة إلى المشرق كثيرة، وبالذات إلى السودان.
وفي نهجه في كتابة الرواية يحاول الكاتب الجمع بين الحقائق التاريخية، والخيال، ويحاول أن يقدم قراءة مختلفة للتاريخ، وقد تجلّى ذلك في أكثر من عمل روائي سابق لهذه الرواية (تشريقة المغربي).
وقد رأينا شيئاً من ذلك في ترجمان الملك، والتي قدمت رؤية إبداعية لأحداث هجرة المسلمين الأوائل إلى الحبشة في القرن السابع الميلادي على عهد الرسول الكريم محمد بن عبدالله ، وفي رواية أنفاس صليحة التي قدمت قراءته لأحداث سوبا عاصمة مملكة علوة المسيحية في السودان في حوالي 1504م.
ولعمر فضل الله طريقته الخاصة في استهلال عمله الروائي ، وإدخال القارئ مباشرة في أجواء الرواية { لو زرت سنار يوماً حين تقل مقر الملك إليها وذلك بعد بضعة وعشرين عاماًمن خراب سوبا } هو يعرّفك بالمكان وبالزمان، عبر ذكر الأحداث والوقائع التاريخية المهمة .. وهو يمزج حقائق التاريخ بنمو علاقات إنسانية تجمع بين شخوص الرواية .. وهو يربط بين الأندلس وسنار في أكثر من موضع . فهو حين يتحدث عن المخطوطات وإنشاء مكتبة السلطان، وحكاية جد صليحة عن مكتبات الأندلس (اكتشفت أن الناس هنا شحيحون بالكتب والمخطوطات).
وهذه الرواية تدفع القارئ للاهتمام بالتاريخ السوداني الذي يشكّل مادة خصبة نهل منه الشعراء وأهل المسرح في استلهامهم للفترة السنارية (1505 – 1821) .. وهذه الفترة لازالت تلقي بظلالهاعلى الإنسان السوداني رغم مرور السنوات.
وقد قامت لجنة التحكيم بمنح الجائزة لهذه الرواية وهي مكونة من البروفسور واسيني الأعرج والبروفسور عبدالرحمن الخانجي ، والروائي عيسى الحلو لما رواه فيها من ميزات جعلتها تتفوق على غيرها من الروايات الكبيرة التي شاركت في مسابقة جائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي – الدورة الثامنة .
وإذا نظرنا إلى القول السائد بأن هذا الزمن هو زمن الرواية، فإننا نجد أن الرواية قد حققت هنا قراءة جديدة لعصر قديم، ولجزء من تاريخ السودان لم يتم التنقيب عنه، والاستفادة من وقائعه وأحداثه إبداعياً .. وباختصار يمكن القول أن هذه الرواية تمثل إضافة جديدة إلى المكتبة السردية العربية .

مجذوب عيدروس

الطيب صالح ما بين جدلية العبقرية ومحاذير المقارنة


كتبت إسراء الشاهر

منذ ظهور الطيب صالح، أو بالأحرى منذ أن رأت رائعته “موسم الهجرة إلى الشمال“ النور بات هناك رفض كبير للمقارنة ما بينه وبين ما تلاه من كتاب مبدعين كثر ، نلاحظ أن الصراع بات كبيراً جداً ومتعصبو الطيب صالح يرفضون رفضاً باتاً الإعتراف بما هو أفضل من كتاب في الساحة الأدبية الواسعة التي تنتج لنا مئات المبدعين الذين كتبوا الأدب بصورة فريدة تستحق الإحتفاء ويمكنها أن تنطلق نحو العالمية وأن تصل لأبعد مما وصل إليه الطيب صالح .

وعلق عيسى الحلو على رواية “تشريقة المغربي” للكاتب “عمر فضل الله” التي فازت بالمركز الثاني في مسابقة الطيب صالح للإبداع الكتابي هذا العام قائلا: “رواية تشريقة المغربي ستحدث حراكاً أدبياً وثقافياً في العالم العربي بأكثر مما أحدثته رواية موسم الهجرة إلى الشمال” ، ولكن سرعان ما استهجن البعض الذين اعتبروا المقارنة بينه وبين الطيب صالح مرفوضة رغم أنهم لم يقرأوا الرواية لأنها لم تُطبع بعدُ.

وعلق الكاتب والقاص “أيمن محمد على” هذا الموضوع قائلا “كلنا نحب الطيب صالح، بل لا ندري من أي الأبواب كنا سنلج الى عالم الأدب لولاه.

ولا ننكر قيمته كرمز للعبقرية الروائية في العالم، لكن لا أظن أن ذلك يعطينا مبررا كي نرفض مقارنته بأدباء آخرين، عن نفسي، ذات يوم، كنت متعصبا للغاية، وأرفض أن يتساوى أحد مع الطيب صالح، وكانت فكرة أن أزيح الطيب صالح من على عرش وسقف الرواية السودانية  بعيدة كل البعد عن مخيلتي.

لكن الآن وقد تغير الكثير، يمكنني القول أن لكل زمان رجل، ولكل فكرة هناك من يطوعها بعبقرية، والأدب عالم واسع، يتسع بإتساع هذا العالم، بإتساع جغرافيته، بإتساع معارفه، مكوناته، الشخصيه، ذلك ربما يجعلنا نعيد النظر في كثير من المقولات التي ربما جعلت من الطيب صالح أيقونة للرواية السودانية، وعبقري للرواية العربية.

لكن أقول، لو أن العالم بقي كما هو، في الستينيات، وقت كتب الطيب صالح رائعته الموسم، لقلت أنه بلا ريب، سقف للجميع”.

والحديث في هذا الموضوع يطول وله أكثر من رأي سأتحدث عنه لاحقا .

المصدر: صحافسيون
https://www.sahafisyon.com

الروائي العالمي د/ عمر فضل الله يفوز بجائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي 2018


كتبت سلمى أحمد الطيب

هو كاتب وأديب وشاعر فذ، إبن شرق النيل والتي إتسمت بإكسير الإبداع المتجدد ورفدت الدنيا بالمبدعين والعلماء في شتي ضروب المعرفة. ولد بالعيلفون من أسرة دينية مشهود لها بالورع والنبوغ.. منذ صغره عرف بالذكاء والحذق واستحق بجدارة أن يدخل قائمة شرف أوائل الشهادة السودانية في نهاية عقد السبعينات من القرن الماضي. درس بكلية الإقتصاد جامعة الخرطوم ثم السعودية وحط رحاله بالولايات المتحدة الامريكية لينال فيها درجتي الماجستير والدكتوراه في نظم المعلومات من جامعة كاليفورنيا في منتصف الثمانينات. وهو خبير تقني وباحث مرموق ويعمل الآن مديرآ لمشاريع تقنية المعلومات وأنظمة الحكومة الالكترونية والذكية بدولة الإمارات العربية المتحدة. أسهم في تأسيس عدد كبير من المراكز البحثية في مجال تقنية ونظم المعلومات والحوسبة.

وهو فطحل من فطاحلة اللغة العربية ومؤرخ متبحر في مجاهيل التدوين وعلم التاريخ والأنساب. كما أنه صاحب مشروع روائي ثقافي علمي ومعرفي يريد تقديمه للعالم، إذ أنه يعمل علي إعادة كتابة التاريخ السوداني بالتمثيل السردي للتاريخ، وهو روائي مميز صاحب عقل جرئ يملك الخيال وناصية اللغة في سرد مترابط وبلغة سردية محسوسة بتقنية عالية فهو راوِ عليم متمكن من لغته بانسياب وسلاسة. كما يعتبر أحد أركان الحوار الإسلامي المسيحي في العالم العربي والإسلامي وله إسهامات متنوعة في عدد من مجالات المعرفة والأدب والفكر. .

كما انه رفد المكتبة العربية والسودانية بعددٍ كبير من الكتب تمت طباعتها منها:
حرب المياه علي ضفاف النيل-حلم إسرائيلي يتحقق وتاريخ وأصول العرب بالسودان للفحل الفكي الطاهر-تحقيق ودراسة ،والكثير من الروايات المعرفية المطبوعة منها: ترجمان الملك ،أطياف الكون الآخر، نيلوفوبيا، وأنفاس صُليحة، وله ديوانا شعر مطبوعان: زمان الندي والنوار، وزمان النوي والنواح.

وله مقالات وبحوث منشورة في عدد من المجلات والدوريات العلمية. وقد شهدت قاعة الشارقة بجامعة الخرطوم مؤخراً إطلاق روايته (أنفاس صُليحة) وقد ضجت قاعة الشارقة بزخم الإبداع لكاتبنا عمر وبالحضور النوعي المتميز لعدد كبير من القامات الثقافية، وتمت مناقشة وقراءات للرواية من الدكتور محمد مهدي بشري والاستاذ مصطفي الصاوي والدكتور عز الدين ميرغني.

أنفاس صُليحة هي رواية تاريخية تعكس تفاصيل الايام الاخيرة لسقوط دولة علوة وخرابها، وأسطورة سقوط سوبا ودسائس عجوبة هي محاولة لتأكيد هوية الوسط وأن الهوية ليست حكرآ علي قبيلة معينة بل خليط متجانس من حضارات قديمة وأن الجميع كان يعيش في ظل تسامح ديني متميز، كُتبت الرواية ببناء أدبي سردي متماسك غني بالمعلومات، بلغة موغلة في التكثيف، والوصفية التي احتلت مساحة كبيرة نسبة لغناء الفكرة بالمعلومة.

يذكر أن روايته (أطياف الكون الآخر) قد لاقت قبولًا لافتاً و نجاحاً منقطع النظير عند صدورها وتوزيعاً كبيراً في الدول العربية التي احتفت بها، كما تم مؤخرآ ترجمتها لسبع لغات حية.

وأخيرا فازت روايته (تشريقة المغربي) بجائزة (الطيب صالح) للإبداع الكتابي في نسختها الأخيرة، وقد احتفت الأوساط الأدبية بهذا الفوز أيما احتفاء.
تشريقة المغربي اذهلت الكتاب والنقاد معآ. قال عنها الروائي الجزائري الأشهر (واسيني الأعرج): (رواية (تشريقة المغربي) لابد أن يكون كاتبها مولوداً في المغرب وليس سودانياً لما تضمنته من فهم الثقافة المغاربية ومصطلحاتها)،
وقال عنها مؤلفها (انها أكدت علي نجاح مشروعي المعرفي الروائي المقدم للعالم واضحت لي جليآ أنني أسير علي الطريق الصحيح).

د/عمر أحمد فضل الله مفخرة العيلفون وشرق النيل قاطبة، عبقري الرواية المعرفية والشاعر المجيد، بحر العلوم والحجة الثقافية والعلمية، الروائي العالمي الذي يعتبر إمتدادآ لعظماء الرواية في بلادي… متعه الله بالصحة والعافية

 

د. عمر فضل الله. فوز مستحق – صلاح عمر الشيخ


ألوان الحياة: صلاح عمر الشيخ وصحيفة أخبار اليوم:عدد اليوم الأحد 4 مارس 2018

أبيض: أعود للكتابة بعد غيبة بسبب السفر ولعل عودتي تكون مفرحة كتعليق وتهنئة متأخرة لفوز الصديق العزيز الدكتور عمر فضل الله بالجائزة الثانية في الرواية من ضمن جوائز الطيب صالح عن روايته (تشريقة المغربي).

عرفت الدكتور عمر فضل الله في أواخر التسعينيات بدولة الإمارات العربية المتحدة جاء زائراً ثم عاد بحثاً عن الاستقرار فيها، عرفته ذلك العالم المطلع والباحث المثابر. من الطرائف أنه حينما تقدم لأول وظيفة في أبوظبي استدعي لمعاينة وهو المتخصص في التقنية والبرمجيات كان امتحاناً طويلاً وصعباً ظل يعمل طوال اليوم حتى انتهى من الامتحان وعاد إلى عجمان حيث كنا نسكن في انتظار النتيجة. وبعد أسبوع لم يتصل أحد فاتصل بهم كان الرد طريفاً جداً. سأله المسئول من أنت قال أنا فلان من السودان فضحك الرجل وقال له: أنت الذي جعل الممتحنين معه يشردون! وهكذا نال الوظيفة لأنه الوحيد الذي استطاع أن يحتمل ذلك الامتحان الصعب.

لم يكن وقتها قد بدأ في كتابة الرواية وحينما أصدر أول رواياته (ترجمان الملك) كانت قمة في الإدهاش والسلاسة والإمتاع والإبداع ذلك أنه مزج التاريخ بالخيال والتراث مما أخرج رواية قاربت منذ البداية للعالمية والشهرة ولفتت الأنظار بقوة أظهرت تميزه وقدرته وموهبته العالية في السرد الروائي الممتع والجاذب.

وتوالت إصداراته (أطياف الكون) و(أنفاس صليحة) وأخيراً (تشريقة المغربي). وكما يقول إنه طرح أسئلة تاريخية لم تجد إجابة من خلال روايته بل حقق مشروعه الثقافي في الرواية المعرفية والسرد التاريخي الإبداعي من خلال روايته عن مملكة علوة نهضتها وسقوطها ثم مملكة سنار. وهكذا استطاع ابن العيلفون المتأثر بالبيئة الصوفية والتاريخ الإسلامي أن يحرك الساحة الثقافية ويعيد للسودان أملاً في مبدع جديد يمكن أن يكون خليفة للطيب صالح الذي يقاربه في أن الاغتراب عن الوطن هو ما جعله يخرج إبداعاته ويكتب عن بيئة محلية اشتاق إليها لكنها ستقوده للعالمية.

صلاح عمر الشيخ

 

فابريقة عمر فضل الله: تشريقة المغربي – بقلم الصادق عبد الله


احتفاءاً.. حباً وكرامة..
فابريقة.. عمر فضل الله.. تشريقة المغربي


اليوم السادس عشر من فبراير 2018م، ومنذ أن فتحت وسائطي للتواصل في الصباح، مكثت يومي أسمع وأرى نصوص وأصوات التهاني كزخات المطر تنهال وتنهمر على الدكتور عمر أحمد فضل الله تطرق مسمغي.. ولا تزال.. فرواية عمر أحمد فضل الله .. تشريقة المغربي .. قد حازت قصب السبق.. في مضمار مهرجان الخرطوم العالمي لجائزة الطيب صالح.

أما الطيب صالح رحمه الله.. فلا يزال الناس يجلسون معه تحت شجرة الطلح على حافة النيل . وتذهب أخيلتهم بعيداً مع موجه وتياره المناسب. أو أمام تلكم النخلة على جدول أدبه.. تتمايل أوراقها على مساومة حسين التاجر .. مع صاحب النخلة.. يفتح الله.. يفتح الله.. وتلك قصة أخرى، كما يقول رحمه الله.

ندري أن عمر فضل الله. (ما بتصاقع).. لقد أثبت عمر فضل الله علو كعبه.. وقد حجز مقعده هناك بجدارة.. وما نتيجة اليوم إلا ذاك. أترك يا أستاذ مكانك فأنت هناك بين محكمي الجائزة نفسها.. فقت المعاك فى الجيل فقت المعاك فى الدور. والنتيجة تقول ذلك.. ينعم صباحك خير ويسعد مساك النور. تتبارك أخي عمر فضل الله.

ولعمري مسار عمر فضل الله مسار فريد في أدب الراوية المعرفية.. المبنية على حيثيات وخلاصات معرفية سابقة يزفها الخيال المترع بالمعلومات والمعارف.. ممزوجة بعناية مثل عطر الخمرة.. أما مع عنوان الرواية فدندنو.. ستجدونه موزوناً: تش.. ريق..تال .. مغ..ري.. بي.. من يحدثنا يا جماعة الخليل الفراهيدي.

عندما كنا في ضفاف ترجمان الملك.. ثم جاءت أنفاس صليحة.. قلت للدكتور عمر.. هذه روايات لها هوامش في الزمان والجغرافية.. يمكنها النمو من الداخل ومن الهوامش كذلك.. وها الآن قد تمددت رواية عمر فضل الله في تاريخ السودان الشرقي.. علوة قيامها.. اندثارها.. ثم قيام سنار..

بقي أمر جديد. واستطيع أن أجزم أنه مقاربة لا تقف قربها مقاربات كثير من المؤرخين والنسابة .. مما قيل في تاريخ الفونج.. فعندما أورد دكتور عمر كلمة لولو (وأضاف أنها تنطق مفخمة) انقدح في ذهني أني قد وجدت الكنز.. إذ ينسب المؤرخون أن الفونج جاءوا من لولو..أو لامول هي لامو (في كينيا وانتقلوا عبر الحبشة إلى فازوغلي في النيل الازرق.. ثم انتقلوا إلى سنار اتخذوها عاصمة لهم).. لكن الآن أرى أن جبل (رورو) وبلدة رورو في ولاية النيل الازرق، البلدة المعلومة القريبة من الدمازين هي منبع الفونج وليست أي مكان آخر. والمعلوم أن اللام والراء يتم اقلابها في بعض اللغات.. بل لدى بعذ الافراد هكذا.. واعلم أن لدى قبيلة الكوكويو في كينيا أنه استعيض عن اللام راء.. فليعاد البحث في اللغات وفي علم الاجناس.

أما تشريقة المغربي فمحورها عبدالسميع المغربي، زوج صليحة.. هو ذاته عبد السميع.. الفتى المغربي اليتيم المرافق لرحلة الحج.. الملازم والمتتلمذ على يد عمه عبدالحميد اللقاني .. الضائع إثر هجمات اللصوص .. المنجز بعدها لرحلة الحج.. القادم إلى سوبا والشاهد لخرابها .. المتزوج من صليحة.. (المتوفاة والمدفونة في البطانة إلى جوار جدها عبدالحميد.). الآن في هذه الرواية هو ذاته الذي استدعاه سلطان سنار.. الكاتب للمراسيم السلطانية.. الشاهد على بروتوكول السلطان.. الذي فيه الككر.. وأم قرين.. لكل مقام.. ومقال.. هو عبدالسميع المستمع للسمرقندي.. وللرحالة اليهودي روبيني.. هي قصة طويلة سوف أحكيها لك إن سنحت سانحة..

مقتطفات من الابواب الاولى: 
يقول عبدالسميع .. سأحكي كيف أخذني الجنود إلى مدينة السُّلْطَان. دون زوجتي .. وكيف صلى قائدهم وتلى: الصَّلَا صَلَاتَكْ والوَطَا وَطَاتَكْ. نَقَعْ وُنْقُومْ عَلَى انْجِلَّاتَكْ. وكيف تعجب حين رآني قائد الجنود أنا النصراني (للون بشرتي) أصلي مثل صلاة المسلمين، فظن أني دِرْوِيش نصارى! وكيف أنه في الطريق أصطادوا غزالا وأكلوا .. أمعاءه.. مرارة. مرارة! والمريسة كانت شراباً ذا رائحة نفاذة.. سألتهم عن منطقتهم .. قالوا اسمها (لولو.. يفخمونها). ثم أجلسوه على عَنْقَرِيب، منسوج من الحبال، وكان مرهقاً، فاستلقى على ظهره في ذلك الكوخ بثياب السفر، وسرعان ما نام نوماً عميقا

يقول عبدالسميع : أيقظني صياحُ الديكة .. وباعة اللبن على ظهور الحمير والنساء يحملن آنية الماء فوق رؤوسهن.. وهذه الفتاة ستقوم بخدمتي .. سأناديك زينة.. والناس هنا في سنار.. ألوان شتى ولم أر قط في حياتي أن هناك ترفاً وبذخاً كهذا في هذه الدولة الوليدة. فمن مقتنيات السلطان: البُنْ والتُنْبَاك والتَّبْغ والشَّمَار والكُزْبَرَة، والفطائر (يا ربي دا الرغيف حتى الآن مالكنا؟) ولحم الضأن، يأكلها كل يوم في وجباته الاعتيادية. ولم أقابل السُّلْطَان بعد. ثم علمت أن السُّلْطَان «عِمَارَة» كما عرف بأمري من الشيخ «عَبْد الله جَمَّاعْ» و يوم استدعاني السُّلْطَان فرأيت الابتسامة في وجه السُّلْطَان، ولم أفهم السبب. ثم رأيت أن كل ما يقوله السُّلْطَان فوق الككر يتخذه الناس قانوناً

ثم يستانف عبدالسميع .. أقرأ رسالة زوجتي «صُلَيْحَة» كعادتي، إذ قدم موكب الشرق يزحم الأفق. جاء فيها الشريف داود من آل البيت يريد أن يزور السُّلْطَان «عِمَارَة» قابله مُقَدَّمُ القَوَاوِيد -القائد العام للجيش- والجنود وضاربو النَّوْبَة والطبول والصَّنْج، وحاملو الأعلام والبيارق والرايات، والزغاريد، جاء الشريف مع القافلة المحملة بالبضائع من اليمن.

الشريف «داود» رجل وسيم فارع الطول. لم ينحن للسلطان كما يفعل الناس. أجلسه السلطان بالقرب منه ثم بقي في ضيافة وصحبة السُّلْطَان عشرة أشهر. ثم قدم الشيخ السَمَرْقَنْدِي كان رجلاً زاهداً عالي الهِمَّة، مجتهداً عالماً بالأنساب. عرف عند السلطان ب(عَبْد اللطيف)! . أخبر السمرقندي السُّلْطَان عن التهديد القادم من مصر، وعن عزم سليم العثماني غزو البلاد. كان السُّلْطَان «عِمَارَة» مهتماً بأمر السُّلْطَان سليم العثماني. وفي ذلك اليوم جرت الأحداث حين أذن السلطان للسمرقندي بالكلام . وعندما الشيخ عبداللطيف يصاب بالدهشة. فقد فوجيء بالرجل؟ اليهودي «داود رُوبِينِي»؟ يالطيف. هذا ليس الشريف «داود» يامولانا. سبحان الله. ما الذي أتى بك إلى هذه البلاد يا «رُوبِينِي»؟ من يهود اليمن! نهض «رُوبِينِي» واقفاً وسُرْعان ما استأذن في الخروج. فأذن له السُّلْطَان وهو مستغرق في الضحك. ثم استأذن «رُوبِينِي» في اليوم التالي مباشرة لمغادرة البلاد كلها، فأذن له. فقد فوجيء بحديث (السَمَرْقَنْدِي).

رأيت أن أزور «السَمَرْقَنْدِي» يوماً، بعد أن انتقل إلى سِنَّارْ. قام واستقبلني ورحب بي، فقلت له: ما الذي جاء بك إلى هذه الأصقاع . قال: سمعت اليهود هناك يتحدثون عنها بحرقة ثم ذهبت إلى بيت المقدس في رحلة الصيف، فسمعت النصارى يتحدثون عن هذه الدولة الوليدة .لذا فقد رأيت أن ألزم السُّلْطَان لأدفع عنه المؤامرات، وأذب الطامعين. لاحظت خلال وجودي قريباً من السُّلْطَان أن له عدداً كبير من الزوجات يا أبا محمود! للسلطان ستمائة زوجة يا «عَبْد السَّمِيع» ! أمضيت مع «السَمَرْقَنْدِي» يوماً واحداً لكني تعلمت منه الكثير. هذا الرجل ممتليء علماً وحكمة. وسوف أكثر من زيارته كلما وجدت لذلك سبيلاً.

قابلت الشيخ إدريس ود الارباب. شاب لم يتجاوز العشرين جميل المحيا. له شلخ على هيئة سلم في كلا صفحتي وجهه. لما رآني قام وعانقني . صلى الشيخ «إِدْرِيسْ» بالناس صلاة عيد الأضحى، قام يكبر الله ويعلن قيام السلطنة، وذلك قبل انصراف الناس من صلاة العيد، فصار العيد عيدين. وأعلن أن أن حدود السلطنة معلومة من جَنْدَل تُنْبُس عند كَرْمَة في السافل إلى جبال فازوغلي في الصعيد ومن سواكن في الشرق إلى بحر أبيض في الغرب. أَرْبَجِي هي حدود مَشْيَخَة قَرِّي والحَلْفَايَة مع مملكة الفُونْج فمنها صعيداً يتبع لسلطان الفُونْج لا دخل لمشايخ قَرِّي فيه. ومنها للسافل إلى تُنْبُس المَحَس وكَرْمَة تديره مَشْيَخَة قَرِّي تحت الشيخ عبدالله ويخضع للملك «عِمَارَة» .. في ذلك اليوم أمر الشيخ «جَمَّاعْ» بنحر الأضاحي وأمر السُّلْطَان بنحاسه فأهداه للشيخ «إِدْرِيسْ».

ثم زرت الشيخ «إِدْرِيسْ» يوما إذ جاءت إمرأة هاربة هاربة تطلب الأمان عنده. عرف الشيخ على الفور أنها من بنات الملوك. كشفت اللثام فوجيء بأنها الأميرة «بياكي» الفُونْجية، زوجة السُّلْطَان «عِمَارَة» نفسه فانزعج الشيخ. فصرف الحاضرين وطلب مني البقاء برفقته. فانطلقت تحدث الشيخ أنها أنجبت للسلطان ولداً ذكراً أخرجوها من القصر ليمنعوها من معاشرة زوجها السُّلْطَان، بعدما أخذوا منها ولدها لتتم تنشئته في (قصر السواكرة). لكن فؤادها انفطر على ولدها، فجاءت متخفية ليشفع لها .. لكن السُّلْطَان لا يملك أن يعيد الولد، ولا يتدخل في شئون (مقدم السَّوَاكْرَة) فلدى الفُونْج عند وفاة السُّلْطَان أن واحداً فقط من أبنائه يتم اختياره خلفاً له ثم يقومون بقتل الأبناء الآخرين حتى لا يظهر منافس للملك وسط العدد الكبير من الأمراء.

بعد إعلان السلطنة انتقل «عِمَارَة» من لولو إلى سِنَّارْ لتكون عاصمة ملكه. شارف قصره على الانتهاء. فقد جلب المعماريين من مصر والشام. وبعد انتقال السُّلْطَان إلى قصره الجديد سرعان ما هاجرت كثير من القبائل والأجناس إلى سِنَّارْ، وكثر (الجلابة) استقروا في أسواق المدينة وأنشأوا الصناعات الحرفية، فظهر نسيج الدمور والقطن والمصنوعات الجلدية، وصناعة الأحذية الصَّرْمُوجَة والفُونْجاوي، وأباريق الجلود (الرِّكْوَة) والخُرْج وسوط العَنَج، والرَّحْط والحِزام والشِّكَال، والِمخْلاة والدَّرَق (من جلود فرس النهر أو الخرتيت) وأغماد السيوف والخناجر!

ثم جاءت الصاغة من مصر وبلاد المغرب، وانتشرت صياغة الحُلِي وصناعة المراكب والسَّواقي وأدوات الزراعة، من مِنْجَل ونَجَّامَة وسَلُّوكَة وَوَاسُوقْ، وازدهرت النجارة لصناعة الأبواب والشبابيك بينما بدأ التجار يجلبون صناعات الفخار من أزيار وقُلَلْ وأباريق وقَوَاديس من بُتْرِي. ثم أمر السلطان بإنشاء صناعة سك النقود من الذهب والفضة. والسلطان أمر أعوانه باستخراج الذهب والفضة والحديد والنحاس كما أمر بصناعة الأسلحة من سيوف وحراب وَدَرَق.
الصادق عبدالله 16 فبراير 2018

 

د.عثمان أبوزيد يكتب: لمحة أولية عن تشريقة المغربي


رواية عمر فضل الله الفائزة بجائزة الطيب صالح العالمية

osmanلم يكن مفاجئاً لي فوز الدكتور عمر أحمد فضل الله بجائزة الطيب صالح للإبداع الكتابي التي أقيمت فعالياتها النهائية الليلة الماضية (الخميس 15 فبراير). وكنت غردت قبل وقت قصير في (تويتر) بأن الدهشة سوف تصيبني إن لم يفز (…)!

وكان تعليق الدكتور عمر بعد فوزه: “ما بين الأقواس في التغريدة هو عمر أحمد فضل الله بكل تأكيد. شكراً على حسن ظنك في أخيك بأنه لا يمكن إلا أن يفوز، والحمد لله أنني لم أخيب ظنك، فلله الحمد والشكر. طبعاً كنت زاهداً في المشاركة ودخول المسابقات، لكنه شجعني وحفزني وقال لي: توجد لجنة نزيهة للتحكيم فيما يعلم، فحفزني ذلك على الاشتراك”.

انتبهت لأعمال عمر فضل الله منذ روايته الأولى (ترجمان الملك)، وقد شرَّفني بعرض مخطوطات رواياته قبل النشر، في نهج يسير عليه كبار المؤلفين حين يتخذون لأنفسهم ما يعرف بالـ (ساوندينق بورد)، ولعل ذلك مأخوذ عن مؤلفي الموسيقى كما يوحي الاسم!

كنت قلت للأخ عمر بعد قراءتي رواية التشريقة: إنني أعجب كيف استقامت لك اللهجة المغربية، فهل عشت مع المغاربة حتى تتقنها إلى هذه الدرجة؟

وقال الروائي الجزائري المعروف واسيني الأعرج: رواية تشريقة المغربي لابد أن يكون كاتبها مولوداً في المغرب وليس سودانياً لما تضمنته من فهم الثقافة المغاربية ومصطلحاتها.

والحق إن الدكتور عمر يجتهد كثيراً جداً في أن يعيش جو الرواية، فينقب في بيئتها أيما تنقيب. والرواية المعرفية كما سماها الناقد القدير هيثم الطيب، لا تكون إلا نقلاً أميناً لوقائع التاريخ مع شيءٍ من الغموض الفني الذي يعطي النص الروائي حلاوته وطلاوته.

عندما تذكُرُ رواية تشريقة المغربي شخصية مثل الشيخ إدريس ود الأرباب، تمنحه ما قد أعرض عنه رواة التاريخ ربما عمداً…

إن السلطنة الزرقاء التي حكمت السودان قرون عديدة، نشأت نواتها على يدي هذا الرجل الذي عرض عليه الحكام نصف (دار العسل والبصل) ليصبح حاكماً عليها، غير أنه اعترض على ذلك بحسم، وآثر أن يعتصم بمهمته الروحية والدينية. فهو الذي جمع عمارة دنقس قائد الفونج وعبد الله جماع قائد عرب القواسمة في عام 1529م. وفي ذلك عبرة تاريخية مهمة أن هذه البلاد لا يستقر الحكم فيها إلا عن طريق كتلة تاريخية تؤلفها القوى السياسية الحية، وتقوم على هذا التلازم الضروري بين الدين والسياسة بشرط أن يصبح الدين عامل مزج وتوحيد لهذه القوى السياسية لا عامل تفتيت وتشتيت.

كانت سنار هي التعويض التاريخي لدولة الأندلس، فبعد انتهاء دولة الإسلام في المغرب الأقصى، سرعان ما قامت للإسلام دولة في هذه المنطقة، جذبت إليها العلماء والمثقفين للعيش في أكنافها.

إنك لكي تمتع نفسك بقراءة هذه الرواية، عليك بقراءة رواية (أنفاس صُلَيحة)، فهذه امتداد لتلك. وأبطالهما أفراد أسرة فرَّت من الأندلس وأقامت بالمغرب حيناً من الدهر قبل أن تتوجه تلقاء سنار.

وهذه الأعمال جميعاً تستحق دراسات نقدية جادة، فنلفت إليها أنظار أقسام اللغة العربية في الجامعات، والصفحات الثقافية في الصحف، وكذا البرامج التلفزيونية.

بل كنت اقترحت من قبل على منتجي الأفلام الروائية السينمائية أن يهتموا بهذه الروايات التاريخية، فهي تصلح أن تكون مادة لإنتاجهم.

يظن البعض أن الاستراتيجية والحزبية السياسية فقدتا سياسياً مرموقاً حين ابتعد عن ميادينها الدكتور عمر فضل الله. وفي ذلك كسب وأي كسب للساحة الأدبية والفكرية، فهذا مكانه اللائق به وبأمثاله. وصدق شيخنا عبد الله الطيب حين قال في قصيدته حظ الأديب:

وميدان السياسة ليس فيه *** نقيرٌ للأديب ولا فتيلُ…